أَين نعثُرُ على المطرانَين الجليلَين بولس ويوحنا
تنوَّعت الأَخبار وتعدَّدت التأويلات، والحقيقةُ لا يعرفُها سوى عواصم التآمر على المشرق بخاصَّةٍ وعلى العرب بعامَّةٍ، أَي تل أَبيب وأَنقرة وحلفاؤهما. في الثلاثينات من القرن الماضي، كان السياسيُّون الفرنسيُّون يتناحرونَ ويلهون كالأَطفال بينما كان هتلر ينطلق كالصاروخ. نُفيَ الجنرال Weygand الى بيروت ولما أَخذت الجيوش الفرنسيَّة تندحِر، إِستُدعيَ على عجلٍ الى باريس لرئاسة الجيوش ولكن بعد فوات الأَوان. وقعت الواقعة وسَقَطت باريس في حزيران 1940. داسَ الأَلمانُ كبرياء الفرنسيِّين وأَذلُّوهم أَيُّما إِذلالٍ.
العربُ اليوم يتشاجرونَ ويلهون ويسعونَ لتدميرِ سوريا، بينما إِسرائيل في قلبِهِم عملاقٌ نوَويٌّ يُهدِّد العالم الإِسلامي كلَّهُ بقنابلٍ ذريَّة. إِن سَقطت دمشق كما سَقَطَت باريس، صارَ العربُ فئراناً أَمامَ إِسرائيل. في العام 1950، طرحَ المجلس النيابي السوري مسأَلة وجود علب كبريت في سوريا مصنوعة في إِسرائيل وعليها صورة قطٍّ وسبعةُ فئرانٍ منهزمة، أي إِنهزام الدُوَل العربيَّة السبع في العام 1948.
منذُ سنوات، كنتُ في مطرانيَّة الَّلاذقيَّة عند المطران يوحنا منصور، فدخلَ عنصرٌ من الأَمن العسكري يعرُضُ علينا ورقةً لُفَّت بها حبَّة drops . على الورقة صليبٌ وعاريَةٌ فوقَهُ، ورقمُ هاتفٍ في حمص. حوَّلَهُ المطران اليَّ، فقلتُ للعنصر: هذا مصنوعٌ في إِسرائيل ورقم الهاتف كاذبٌ حتماً، ولكن دقِّقوا في أَمرِ هذا الهاتف أَوَّلاً.
إِسرائيل تُخفي رداءاً كبيراً ليسوعَ المسيح وإِن كانت الدوَلُ في حلف الأَطلسي حليفةً لها. أَنا لستُ ضد الجنس اليهودي كجنسٍ، ولكنِّي أَعرفُ تاريخهُ في التآمر على الكنيسة المسيحيَّة. فقد وقفَ باستمرار وراء المؤمرات على الكنيسة، وأَخطرُها مؤامرتُهُ على القيصريَّة الروسيَّة في العام 1917 وعلى الإِتِّحاد السوفياتي لما هزَّمَ ميخائيل غورباتشوف وزوجتهُ البارَّة الكُفر والإِلحاد من روسيا.
مَن المستفيد الكبير من سقوط دمشق وسوريا؟ المستفيد هي الصهيونيَّة العالميَّة المسيطرة في َأكبر دُوَل حلف الأَطلسي وفي َأنقرة. إِن سقطت سوريا، ديسَت كرامة العرب الى مئات السنين. لا تقفُ مطامع إسرائيل في الفرات، بل تتعدَّاه الى العراق حيثُ مدينة إِبراهيم أي “أُور الكلدانيِّين- Ur”. وفي العراق سبعةُ قبورٍ لأَنبياء إِسرائيليِّن ( يونان، دانيال، عزرا، …) تطمعُ إِسرائيل في احتلال بابل ونينوى وسواهما في العراق. قرب دمشق يوجدُ أَقدمُ كنيسٍ في المشرق أَي كنيس جوبَر وهو قلعةٌ أَثريَّة. كان في تادف من منطقة الباب في حلب مئةُ أَلفٍ يهوديٍّ وكان فيها كنيسٌ مهمٌّ. فلذلك إِسرائيل تحلم بالعودةِ اليها.
متى يستيقظ العرب؟
بعد إِندحار إِسرائيل في حرب تشرين 1973، أَجرى زعماء لإِسرائيل دراسةً على المواقف، فاكتشفوا خطأ تخطيطِهم مدَّة 35 سنة ضدَّ مصر، بينما عدوُّهم الأَصيل هو سوريا. ما يجري اليوم هو سعيٌ لتحطيمِ هذا الجبَّار.
ماذا جرى في لبنان؟
ماذا جرى في العراق؟
هل استفَدنا من هذه الدروس؟
مَن أشعلَ النار بين العراق وايران وتاجرَ بها؟
الدُوَل الغربيَّة التي جنَت آلاف المليارات من تلك الحرب.
مَن دَفعَ صدَّام حسين الى غزوِ الكويت لنهب أَموال أَميره في لندن؟ الرؤساء العرب دعوهُ الى الإِنسحاب فرفضَ. أَتاهُ رئيس وزراء روسيا السابق، فرَفضَ مشورَتَهُ.
فرنسوا ميتران الفرنسي انضمَّ الى اميركا وبريطانيا فخسِرَ زبون فرنسا الأَكبر، أَي العراق. وهكذا ورَّطَ الغربُ صديقَهُ صدَّام في حروبِ الإِستنزاف، فسَقَطَ العراق تحت الإِحتلال الأَميركي.
التاريخُ معلِّمٌ أَكبر ولكنَّ العرب لا يستفيدون من التاريخ.
نابوليون كتبَ ثلاث رسائل الى السلطان العثماني يقولُ لهُ فيها إِنَ اَعداءَكَ هم الأُرثوذكس. هل يختلف
نيقولا ساركوزي وفرنسوا هولاند عن سَلَفِهم المذكور؟
على المسيحيِّين في الشرق الأَوسط غلاةً وطنيِّين صادقين. نحنُ هنا. لا نثقُ بالغرب الَّذي تسبَّبَ بمذابَحِنا وتهجيرِنا. هو الَّذي هجَّرَ الأَرمن والسريان والأُرثوذكس من تركيا ومن الأَقانيم السوريَّة المغتصبَة أي لواء كيليكيا، ولواء الإِسكندرون، وديار بكر، وماردين، وأَورفا وسواها. رئيس وزراء فرنسا في التسعينات كان َأرمنيًّا من مرسين في كيليكيا. إِسمُهُ الفرنسي Baladure وفي الأَرمني Baladurian.
في فرنسا نصف مليون أَرمني من بقايا تلكَ الكوارث.
إِنِّي َأَلتمسُ من البطاركة في الشرقِ الأَوسَط أَن يُكثِّفوا إِتصالاتهم بالعالم المسيحي لنُصرَتِنا ضدَّ الغيلان.
أَعاد اللهُ إِلينا المطرانَين الجليلَين وقد تكلَّلا بالنورِ البهي.
26 ايار 2013
الشماس
اسبيرو جبُّور