البصر او البصيرة
” الانسان بدون الله اعمى… “
الاحد الرابع من لوقا
(اعمى اريحا )
و
الذكرى السنوية الثالثة لانتقال
حبيبب المسيح فادي( كعدي) الى الاخدار السماوية
النص الانجيلي 😐 لوقا (18: 35-43)
“في ذلك الزمان فيما يسوع بالقرب من أريحا كان أعمى جالساً على الطريق يستعطي* فلمّا سمع الجمع مجتازاً سأل ما هذا* فأُخبر بأن يسوع الناصري عابر* فصرخ قائلاً يا يسوع ابن داود ارحمني* فزجره المتقدمون ليسكت فازداد صراخاً يا ابن داود ارحمني* فوقف يسوع وأمر أن يُقدّم إليه* فلما قرُب سأله ماذا تريد أن أصنع لك. فقال يا رب أن أُبصر* فقال له يسوع أبصرْ. إيمانك قد خلّصك* وفي الحال أبصر وتبعه وهو يمجّد الله. وجميع الشعب إذ رأوا سبّحوا الله.”
“
العظة :
باسم الآب والابن والروح القدس. آمين
“كل من يدعو باسم الرب يخلص “(يوئيل 2: 13)
الانسان بدون الله هو اعمى وكل معتقداته زيف وعبادة وثن
ايها الاحباء : بعد ان راينا الرب متجسد في ظهوره الاول وقت ميلاده بشهادة من ملائكة السماء وايضا بظهوره الثاني وقت معموديته بشهادة من الله الآب وروحه القدوس ،وبعد اعتقال يوحنا آخر انبياء العهد القديم .نصل اليوم في تدبير الله الخلاصي الى تفتح اعين رجل الاعمى في اريحا الذي يمثل العالم الوثني واليهودي، اذ كان العالم كله يعيش في ظلام وفي العمى الروحي. جاءت هذه الاعجوبة او المعجزة لتؤكد على ان المسيح هو نور العالم الحقيقي هو الحياة الحقيقية هو الخليقة الجديدة.
لذا هذه الاعجوبة حصلت قبل دخول السيد اورشليم ليصلب يعلل القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلا :” اذ كان التلاميذ لا يزالوا جسديين لم يستطيعوا فهم كلمات السر لذلك تمّم المعجزة ،لقد فتح عيني الاعمى لكي يثبت ايمانهم بانه هو المخلص الحقيقي والمسيا المنتظر.
ان تفتيح أعين الاعمى هي من أهم المعجزات، وقد فتح المسيح أعين عميان كثيرين جدآ,وهذه المعجزة لها أبعاد عديدة جدآ بالنسبة للانسان , ومن أهم ما تكشفه هذه المعجزة أنها أشارة قوية جدآ على ظهور زمن المسيا المخلص الحقيقي.
فزمن المسيا منذ القديم جدآ تأصل فى فهم وعقول اليهود والفريسيون ومعلموا الناموس بشفاء المرض وخاصة العميان يبصرون والعرج يمشون .فهناك نبؤات كثيرة جدآ كانت تُشير الى ارتباط زمن المسيا المنتظر بشفاء العمى والعرج والبرص.
” قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا.هوذا الهكم… ياتي… ويخلصكم حينئذ تتفتح عيون العميان وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الاخرس لانه قد انفجرت في البرية مياه وانهار في القفر” . (أشعياء 35 : 4_ 6)
هذه النبؤات رسخت فى ذهن جميع الشعب ارتباط ظهور المسيح المسيا بشفاء المرض وتفتيح أعين العميان . وهذا الذي جعل يسوع يكتفى بهذا البرهان للرد على يوحنا المعمدان عندما ارسل تلاميذه يستفسرون من المسيح عن شخصه فقال لهم :
” اذهبا واخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما.ان العميان يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون”(لوقا 7: 23 ).
لنعد للاعمى،فانه ما كان يمكن ان يتمتّع بتفتح عينيّه ما لم يدرك اولا حاجته الى النور واداركه لقوة السيد المسيح الشافي النفس والجسد .
اذ وجد الاعمى اناس كثيرون حول يسوع ،لكن الاعمى شعر بحضرته وتمسك به في قلبه، هذا الذي لم تسطع عيناه الجسديتان ان تراه ، اما سر شفائه فهو صوت المسيح واهب النور وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم :” صوت المسيح نور للاعمى لانه كلمة النور الحقيقي” .
يقول القديس افرام السوري في احدى قصائده عن اسم يسوع او صلاة يسوع :” يسوع هو اسم عظيم ، هو العبور من الموت الى الحياة ، هو تعبير به نتخطى كل الصعوبات، اسم يسوع يساعد الحب ليصل الانسان الى الله الآب والى السعادة .
ايها الاحباء: هذه المعجزة التي نحن الان في صددها نستشف منها شيئان ،الشيء الاول وهو ان الصلاة ،صلاة يسوع ” يايسوع ابن داود ارحمنا” اهميتها في خلاصنا . والشيء الثاني المعجزة واثرها علينا.
ان صلاة يسوع :لها اهمية خاصة بسبب الايمان الذي تحمله. ولها صفات عديدة منها انها صلاة قصيرة ممكن تكرارها باستمرار،انها موجهة الى يسوع المسيح وانها تعبر عن عقيدة وايمان الكنيسة الارثوذكسية وايضا فيها تضرع وتوسل لمراحمه .
احب الاباء القديسون اسم يسوع الحلو وقد استخدموا هذا في كل صلواتهم وكل جهادهم وفي كل حياتهم حتى ملئوا انفسهم بحلاوة يسوع وكل جوعهم وعطشهم هو ليسوع ،وهذا ما ملأهم بالفرح الروحي الذي لا يعبر عنه .
بهذا حصلوا على القداسة واصبحوا بشرا سماويين او ملائكة تسير على الارض، مناداتهم وصلاتهم لاسم يسوع هو الذي اوصلهم الى درجات الفضيلة العليا. ونذكر منهم على سبيل المثال القديس يوحنا الذهبي الفم الذي نعيّد له اليوم ،فكان القديس الاول في مناداته وصلاته ليسوع المسيح .اذ جعل كل حياته مناداة لاسم يسوع الحلو.
هكذا فان الاباء القديسين قد وضعوا لنا نحن المؤمنين غير الكاملين ان نطلب ونصلي ونقول ( ارحمنا ) وهكذا يجب ان تكون :” يارب يسوع المسيح ابن الله ارحمني” لاننا كلما اقتربنا من الله كلما ازددنا احساسا باننا خطأة ،ولهذا يقول القديس باسيليوس الكبير :” اجعل كل حياتك وقت الصلاة. وان نستخدم كل لحظة في الصلاة عن طريق تقديم الشكر الدائم لله .
عندئذ نكون نشبه ذلك الانسان الاعمى الذي تحدث عنه انجيل اليوم الذي اراد ان يستعيد نظره فصرخ بهذه الكلمات يا يسوع ارحمني .نحن ايضا مصابون بالعمى الروحي ويجب ان نتوسل الى الله باستمرار ان يرحمنا وان يفتح اعين نفوسنا حتى نستطيع ان نرى بعقولنا.
لذلك يوصينا القديس برثانيوس بالصلاة اذ يقول :” لان يسوع يقف بالقرب منك فاصرخ اليه وقل يارب ارحمنا وهو سوف يستجيب لك .
ان الصلاة هي التنفس الحقيقي للحياة كما قال القديس غريغوريس اللاهوتي ان تذكار الله مهم مثل اهمية التنفس .
اما الشيء الثاني الذي نستشف منه من خلال هذا النص الذي قرأ الآن هو المعجزة واثرها علينا .
ان ايمانا قائم على العجيبة هو ايمان ضعيف يترجى في كل وقت معجزة ،بينما الايمان القائم على قناعة العلاقة مع المسيح هو ايمان يستمد من المسيح قدوة في الايمان.في الافراح والاحزان ؟
ايمان المعجزات هو ايمان لا يقبل الصليب لانه في انتظار دائم للحظة للتخلي عن الصليب والتخلص منه .بينما ايمان الحقيقي ايمان الحب هو ايمان يعانق الصليب, من يشتهي ان يرى عجائب وقوات كأنه يغلق الكتاب المقدس الذي يعاين فيه الله قلبيا . وكأنه يريد ان يطلب بصرا لا بصيرة.
ايها الاحباء في هذا اليوم المبارك نرفع التضرعات والقرابين المقدسة لمرور ثلاث سنوات على انتقال حبيينا وحبيب المسيح فادي الى الاخدار السماوية ،وكأنه قد تم الرقاد والانتقال لهذا الشاب الصالح المحب المرنم والمصلي اليوم .
سؤال يطرح أتفيد هذه الذكرانية والتضرعات من اجل الراقدين ؟ المؤمنون يرفعون التضرعات من اجل الراقدين اثناء خدمة القداس الالهي والذكرانيات المقدسة لانهم يترجون ويؤمنون باحسان الله ورحمته وحنانه وعطفه المحب.
من الواضح باننا بصلواتنا من اجل الراقدين نسأل الله فقط ما يفرحه حيث ان الله وهو مصدر المحبة والرحمة يريد ان جميع الناس يخلصون (1 تيموثاوس 2: 4) .
يريد الرب الرحيم جدا ان يساعد كل واحد منا عندما نحيا وبعد ما نموت ايضا ،لهذا تتمسك الكنيسة باقامات الذكرانيات خلال القداس الالهي.
لهذا يعلمنا الاباء القديسون ان صلواتنا من اجل الراقدين مفيدة للذين انتقلوا ،وبهذا الخصوص يقول القديس كيرللس الاورشليمي : ” نؤمن بان النفوس تنال فائدة عظيمة جدا من التضرعات التي تصير من اجلها خلال القداس الالهي.
ايضا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم عن القداس الالهي والذكرانيات: “ان الذبيحة بين يدي الكاهن وبشكل غير منظور يكون حاضرا ملائكة ورؤساء الملائكة وابن الله يكون موجودا كل واحد يكون واقفا بهذه الهيبة أتظن ان ما يقال عندئذ يقال بخفة وبساطة !! انه لشرف عظيم ان تشمل اسم الراقد عندما يكون المسيح الرب حاضرا في الذبيحة الالهية ” .
يقول القديس سمعان التسالونيكي لا شيء ينفع الراقد ولا اكثر يؤدي الى السرور والاتحاد مع الله مثل دم الرب الثمين وجسد الطاهر لهذا السبب علينا ألا نحذف الذكرانيات المقدسة.. علينا بشكل ان نذكر الراقدين من خلال خدمة القداس الالهي.
لانها اعطيت لنا لاجل هذا السبب. ايضا يعلمنا القديس يوحنا الذهبي الفم : نستطيع ان نساعد من مات بشكل ما يجعل عذابه محتملا وذلك من خلال الصلاة والصدقة.
على هذا الرجاء نصلي ونتضرع ونرفع هذه القرابين المقدسة لاجل راحة فادي حبيب المسيح مترجين على ان يكون في المجيء الثاني الى يمين عرش السيد المسيح ،آمين