فيض النور المقدس
يأخذ موضوع فيض النور المقدس اليوم في وسط المؤمنين جدالًا حادًا بين مؤيدٍ ومعارضٍ ليصل من جهةٍ في بعض الأحيان إلى إستعمال عبارات بدعة وهرطقة وجهل ومن جهة أخرى أعداء الإيمان ومحاربي الروح. ولا ينحصر الجدال فقط على صفحات الإنترنت بل يتصدر صفحات جرائد مرموقة. وهذا في الحقيقة مؤسف ومضر وجارح ولا ينفع بشيء..
وأسمح لنفسي في هذا الإتجاه أن أقول :” لا أشك بمحبة أحد للكنيسة الأرثوذكسية من الطرفين ولكن هناك تأثيرات وإنفعالات وعواطف تترجم أحزاب وشيع وعذرًا قبائل”.
وإنطلاقًا من إيماني بهذه الكنيسة التي سمح الله لي أن أنتمي إليها وأخدمها وكوني أمارس التصوير الفوتوغرافي على مستوى عالي جدًا منذ أكثر من عشرين سنة وأدرس هذه المادة ومادة الروتوش الإحترافي الفني وبرامج تتعلق بالإخراج والفيديو في الجامعة وغيرها Adobe programsتشجعت أن أكتب كلمةً في هذا الصدد حتى لو لم يرق للبعض تدخلي أو حتى رأي، فلا هم، لأني لست هنا لأرضي أحدًا بل الذي خلقني.
في بادىء الأمر أعتقد أن الجميع يوافقني أن في هذه الدنيا إحترامًا للإختصاصات والإدعاء هو قمة الجهل وعلى كل معترضٍ ومؤيدٍ أن يخاطب الآخرين ب” لماذا ” هو في هذا الموقع أو في الموقع الأخر والأجوبة يجب أن تستند على حجج منطقية وواضحة وبعيدة كل البعد عن الإنتماءات والتحازب، فمثلًا، هل نحن نؤمن بأن المسيح هو المخلص لأن غيرنا مِن مَن نحبه يؤمن بذلك أو لأننا نحن إكتشفنا الرب بكل قوانا وصحوتنا وأقمنا علاقة مباشرة معه؟. ” وأنتم من تقولون إني أنا؟” سأل الرب يسوع.
كثيرون من المعترضين يرفضون موضوع فيض النور لأنهم يرفضون ما يجري قبله وبعده من إحتفالات وتهييص وبهرجة ويقولون أن هذا ليس جوهر العيد ويجب أن لا يطغى على معنى العيد الحقيقي وعيدنا سنوات ولم نكن نعتمد على فيض النور هذا. كما يضيفون على إعتراضاتهم أن الله لا يميز كنيسة عن أخرى وأنه لا يعطي إمتيازًا لأناسٍ على حساب آخرين. وآخرون يستشهدون بقضايا إنسانية محقة ويربطوها بالحدث فيطالبون الله بنصرٍ للمظلوم على الظالم وبحجارةٍ تطرد المحتلين الغاشمين. وأيضًا هناك من يردد رفض بعض كبار رجال كنيستنا لهذا الحدث. وإعتراضات أخرى وأخرى وأخرى…
أولًا صحيح وألف صحيح، نحن لا ننتظر أي عجائب وآيات لنؤمن بالقيامة وإلا إنطبق علينا قول الرب:” أنتم لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب؟…”
ثانيًا ممنوع أن يحجب شيئًا نور المسيح عن قلوبنا وعيشنا له بالتوبة والرجوع إلى الذات والصلاة والهدوء وجوهر العيد لا يكمن بالمظاهر الخارجية والإحتفالات الصاخبة والكرنفالات.
ثالثًا نحن لا نطلب من الله أن يميزنا كقوم بل كشعب مؤمن بتجسده وبقيامته.
ولكن كل هذه الإعتراضات النابعة من قلوب صادقة لا تلغي أبدًا حدثًا أو واقعًا يحصل وإن أسيء إستعماله من قبل البعض أو تم التركيز عليه بطريقة ٍ مغلوطة أو مبالغة.
وحذار أن نصبح مثل البروتستانت والكنيسة اللاتينية بالفعل وردة الفعل ونفقد الجوهر وهنا سأشرح موقفي كما يلي:
1- هل يمكن للمحطات العالمية مثل ال CNN و Euronews و BBC وغيرها أن تتكبد مصاريف وتذهب إلى القدس لتغطي حدث فيض النور المقدس وتبثه على قنواتها وتشارك في كذبة لتخدم الكنيسة الأرثوذكسية؟ لا أعتقد ذلك بل من المستحيل أن تفعل ذلك ونحن نعرف خلفية هذه المحطات وبثها لبرامج لا تخدم المسيحية بتاتًا لا بل لو كان هناك شيء مزيف لكانوا السباقين في إبرازه للنيل من المسيحية ومعتقداتها.
2- هل يمكن للسلطات الإسرائيلية ومخابراتها وعلى أرضها أن تتغاضى عن كذبة بهذا الحجم لتستر على المسيحيين وتخدم قيامة الرب يسوع من بين الأموات؟ ألف مستحيل وألا تعتقدون أنهم يفعلون المستحيل ليشوهوا هكذا حدث ضخم وفي صلب ديارهم؟
3- هل يمكن للكنيسة الأرمنية الذي يدخل ممثلها مع البطريرك إلى القبر أن تسكت عن هكذا تزييف أو كذب أو إختلاق؟ ونحن نعرف تمامًا مدى الحساسية في هذا الموضوع.
4- هل يمكن لممثلي الكنائس الأخرى أن تسكت عن كذبة بهذا النوع تخدم الكنيسة الأرثوذكسية؟
5- هل تعتقدون أن السلطات الفلسطينية وغير المسيحية أصبحت أيضًا متواطئة معنا؟
6- هل نضع كل الدراسات العلمية الحديثة التي أثبتت صحة الحدث وبأحدث المعدات لنطلق العنان لمواقفنا المبنية فقط على ردة فعل غير مثبتة؟
7- هل نضع ما أثبته كبار علماء التصوير والإخراج الذين نفوا أي تزوير في هذا الحدث وخاصة عندما يُبث الحدث بثًا حيًا وُتنقل المشاهد والصور والأفلام من أكثر من كاميرا ومن أكثر من زاوية في نفس الوقت وكلهم يظهرون أناسًا يضعون النار على وجوههم وأيديهم ولا يحترقون؟ وبالأخص أن هذا يتم على الفور ولا في استوديهات هوليود؟.
8- وإذا تحججنا بما قاله التلفزيون اليوناني حول الفوسفور الذي يشتعل مع الهواء بعض برهة من الوقت علينا أن نصغي لعلماء الكيمياء الذين أثبتوا أن هذا غير النار المتناقل في القدس لا من ناحية الخواص ولا الرائحة ولا الشكل وخاصة أن الشموع يأتون بها أناسًا من الخارج ومن المستحيل أن تكون كلها مغطسة بالفوسفور من الكنيسة الأرثوذكسية.
9- هل يمكن للسلطات العثمانية وغيرها ممن حكموا فلسطين أن يكونوا تغاضوا عن كذب بهذا الحجم؟ ونحن نعرف ما حصل مع البطريرك الأرثوذكسي عندما مُنع من دخول القبر ففاض النور من عامود في الخارج حيث كان واقفًا البطريرك وما زال العامود يشهد حتى الأن؟
10- هل نضع المراجع التاريخية جانبًا والتي تتكلم عن تاريخية الحدث منذ القرن الرابع ميلادي وكلها وثائق مبوبة ومؤرشفة ومثبتة؟
نهاية أصلي من كل قلبي و أقول: للرب ملء الحرية أن يشهد للكنيسة التي حافظت على إستقامة العقيدة بغض النظر عن كل ضعوفاتها من الناحية البشرية وإن ما عجز عن نفيه اليهود لا تجعلوه أنتم مادة للمماحكة والتجريح والتشهير(ومن الحب ما قتل) ومن أراد أن يثبت كذب الحدث هذا فليثبته علميًا وفنيًا وكيميائيًا ومنطقيًا وتاريخيًا وليس بحبر على ورق عندها نحني أمامه ونجله ونشكره وليجب أيضًا على كل هذه الأسئلة التي ذُكرت أعلاه وغيرها وإلا فليتعاطى كل صاحب إختصاص إختصاصه لأن هكذا يقول العلم.
+ أثناسيوس (شهوان) 2012