تأمل في عيد الميلاد
اسبيرو جبور
هذا الكون العجيب يُذهل بدقائق تكوينه كل عقلٍ حصيف، ألوف الأدمغة عبر التاريخ حارت في فهم الكون وتعليل أسباب وجوده. منها ما خبط عشواء ومنها ما كان حكيماً فتطلَّع الى باري الأكوان ليلتمس أنامله من وراء الحجب الكثيفة. ولكن الأمر استعصى على الناس لأن جلال صانعنا أبعد من أن تطاله عقولنا المحدودة وأفكارنا السقيمة، وكلما غاص قوم في التفتيش وصلوا الى الإقرار بالعجز والى التسليم بأن الباري ترك لنا في خلائقه علامات تهدي الى الاعتراف بوجوده. إنما بقي الانسان مقهوراً ومغلوباً على امره، يشاء من الله آثاراً محسوسة ليرضي فضول عقله، فاذا بالله يزداد بُعداً ويوغل في الاحتجاب عن الأنظار. إنه غير الملموس، غير المنظور، غير المحدود، غير المدرك ولكنه حاضر موجود. وجوده يفسِّر كل وجود آخر. بغيره لم يكن شيء مما كان، لأن الخلائق جميعاً مخلوقات محدودة في الزمان والمكان. والإنسان بوضعه الحاضر محدود في ذكائه، محدود في عقله، محدود في فهمه، محدود في قدرته. جسمه أوهى من جسم الحيوانات، إنما هو بفكره –وبالأحرى بشخصه- سيّدها. لكن هناك محدودية أخطر من سائر المحدوديات، انها المحدودية الأدبية. فالانسان خاطىء وقد يبلغ خطأ خطيئته حدَّ القاء القنابل الذرية والايدروجينية، وهذه اخطر من الجراثيم ومن مجموع حيوانات الأرض على مدى التاريخ كله منفردة ومجتمعة. فهل هذه المحدودية في شيء يُذكر فيما يتعلق بتعذر إمتداد الانسان الى الله؟ هل هي سبب احتجاب الله عنا؟ ليس ضعف المواهب العقلية عاراً ولا حاجزاً، والموهوب لا يسحر الباننا إن كانت اخلاقه مختلّة، إنما نحب باعجاب ذاك، إن كانت رفعة أخلاقه ساحرة. فالانسان بأخلاقه أولاً ثم بعقله. العقل سيف ذو حدَّين: هو أداة خيِّرة في أيدي الصالحين وأداة شر في أيدي الطالحين إذ يُسيئون استعماله. فإن كان في لإمكان اقتحام الحجب، فالأخلاق أقدر على ذلك من الفكر المجرَّد.
علَّمتني الديانة أن آدم قطَّع أوصال الخليقة مع الخالق. إن خطيئته أقامت حاجزاً يعسر اقتحامه. إنحسر مدُّ آدم نحو الله. فقدَ القوى التي كان يمكن له بها أن يحتضن ما يشاء الله أن يناوله ايّاه وخرج من مدار الأبدية وعدم الموت الى دورة فساد وانحلال وفناء. صار مائتاَ، صار دمية حدود الزمان والمكان. صار يتحرك فيهما ويخضع لشروطهما وقيودهما بعد أن كان مدعواً الى تمدد بلا حدود في حضن الله الغير محدود لا في الزمان ولا في المكان. صار الإنسان متروكاً لقدَره الشخصي يصنعه على هواه، وهواه غالباً ضلالٌ مبين.
لذا، فتاريخ البشرية هو تاريخ العيش في غيبة عن الله الّا كلما شاء بفائق لطفه أن ينزل في التاريخ كما كان الملاك ينزل في بركة بيت حسدا (يوحنا : 5) تبقى هذه النزلات بل بالأحرى هذه الإنقضاضات كما ينقضُّ النسر على فريسته، بلا معنى كبير الّا إذا كانت نابعة من مخطط مرسوم في المقاصد الإلهية السرمدية ليستعيد الله جبلته التي أتقن صنعها على صورته ومثاله.
وهل يليق بهذه المقاصد الا أن تكون شآبيب رحمة تنبع من معدن الجودة والصلاة والمحبة؟ وهنا بيت القصيد: ما كان من الممكن أن يغلق الله أحشاءه. الله قادر على كل شيء ولكنه غير قادر على ارتكاب الشر، غير قادر على إهمالنا حتى النهاية وهو يعلم أننا ضحية خداع شيطاني وأن فينا جوعاً وجودياً اليه وليس أدلُّ على ذلك من عجز كل شيء ملموس عن إرواء عطشنا. نبقى في جوع وعطش إلا اذا اختبرنا وقلنا مع المزامير: “ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب”.
سفر الجامعة في العهد القديم أبدع في تصوير الفراغ الكامل الذي ينهش بني البشر إلا مَن افتقدَه ربه، فأشبعه تقوى ومخافة الله. ولكن، هل يُمكن أن نشبع منه نحن الأقزام؟
ونلمس في طول العهد القديم وعرضه إنقضاضات على الله. إلا أنها كلها لا تروي الغليل ولا تنقع عطشنا وكلما تكاثرت وتواترت، طفح الماء وراء السدود وهدّدها بالتحطم وإغراق الأرض بالفياضنات حتى اننا نستطيع أن نقول باستعارة تعبير بشري: ضاق الله بالأمر ذرعاً، طفح كيله، خرج الأمر عن سطوة سلطانه.
هذا طبعاً لا ينطبق على الله ولكنه يعطي صورة عن حالة آخر الأزمنة، عن الايام الأخيرة (اعمال 2:17 عن يوئيل 7:1-5). طفح كيل حنان الله، لطف الله، فكان ملء الزمان. وملء الزمان هو ملء مراحم الله الغزيرة. وأي أمل اعظم من أن يكون المستحيل ممكناً فكان؟ نعم! كان: تجاوز الله غضبه على الانسان، تجاوز الحجُب، تجاوز الحدود فأرسلَ الآب ابنه الى العالم برضوان الروح القدس ومساهمته وصار غير الموسوع موسوعاً وغير المحدود محدوداً وغير الممكن ممكناً. وارتدى الله طبيعتي الساقطة دون أن يتلوّث بخطاياي لكي أرتدي انا ما تيسّر لي من ألوهيته. يا لهول الحدث! كان الملاك جبرائيل ومريم شاهدَين على أهم حدث في تاريخ العالم. لماذا لم ينفجر عقل جبرائيل؟ لماذا لم تذب مريم؟ ألم يقل الله لموسى إنه لا يستطيع إنسان أن يرى الله فيبقى حياً؟ هل ناقض الله ذاته؟ مريم لم ترهُ وإنما حملته في أحشائها تسعة أشهر وربّته ورافقته حتى فارقها يوم الصعود الإلهي. لماذا لم تلتهب أحشاؤها وتتلاشى كما يلتهب بنزين الطائرات؟ كيف عاشت بعد ذلك والله قال لموسى إن هذا مستحيل؟
تقول ترنيمة: “حيث يشاء الله يُغلب نظام الطبيعة” ولكن نحن هنا امام أمر يفوق الطبيعة والزمن. فلا جبرائيل ولا مريم بنفسها بقادرَين على الإحتمال. إنما هكذا شاء الله، شاء مرة أخرى أن يقتحم المستحيل فكان المستحيل ممكناً.
يعجز الإنسان عن رؤية الله ولكن الله شاء لا أن يراه فقط بل أن تحمله مريم في أحشائها وعلى ذراعَيها. نهنّىء جبرائيل على حظه في خدمة الرب ولكن نعجز عن اختراع الكلام الموافق لنقوله للعذراء مريم. والأوفق أن نضع الهامة على الأرض في سجود وصمت مقتدين بمريم نفسها التي كانت تحفظ كل شيء عن يسوع وتتأمله في قلبها (لوقا 2:19). مريم هي الشاهد الأكبر الحي على مراحم الله. أليست هي أداة هذه المراحم؟ نِعمَ الأداة هذه الأداة. عبارة لوقا عميقة جداً: كانت تحفظ كل شيء عن يسوع وتتأمله في قلبها. فنار اللاهوت لم تفنها ولم تذهب ببصرها وبصيرتها ولم تنل من قواها النفسية. الدهشة لم تدمِّر قواها العقلية كمن يُصاب بالجنون امام المفاجآت والأخطار الجسيمة. في كلام الله لموسى، الأمر أكبر خطر جسيم. تبدو مريم في كلام لوقا غير مصابة بدهشة ورعب. كانت تحفظ وتتأمل، كان يسوع محطّ نظرها وفكرها وتأملها وليس لدينا عن لسانها الّا كلام نادر جداً. يا لهول هذه المرأة التي بصَمْتها الرهيب وهيامها الواعي بابنها ربها الحبيب تبدو انساناً فوق البشر، إنساناً قد اجتاز هذا الكون ليبدو ثابتَ النفس، بقالبٍ إلهي يُدهشنا نحن الساقطين العاجزين. اما يوسف فكان دونها في العظمة. أتاه الملاك في الحلم لا في اليقظة. يهودي دقيق لا يتحمَّل أن يقول له ملاك في اليقظة أن يهوه الفادي المخلص هو جنين في بطن مريم. فلفظة يسوع إختصار “يهوشاع” أي “يهوه المخلص”. في العهد القديم يهوه هو مخلص اسرائيل وفاديه. هذا الإله الذي صار انساناً بقي في أحشاء البتول تسعة أشهر. وكان قد صدر أمر عن أوغسطس قيصر بإجراء إحصاء عام وكان ذلك في أيام كيرينوس والي سوريا التي كانت عاصمتها أنطاكيا وفلسطين تابعة لها. تحقيقات العلماء تجعل ذلك اليوم بين العامين 4-6 قبل السنة الميلادية السارية المفعول الآن. كان يوسف ومريم قد غادرا الناصرة في الجليل شمالاً وقدِما بيت لحم الواقعة على حوالي 9 كيلومترات الى جنوب اورشليم القدس بالقرب من قبر راحيل زوجة يعقوب ابي الأسباط الإثني عشر. ولكن لم يجدا مكاناً يحلّا فيه في بيت لحم، لم تكن بيت لحم مدينة كبيرة عامرة بالفنادق. فاللفظة اليونانية التي استعملها لوقا الإنجيلي هي غير اللفظة التي استعملها في مثل السامري الشفيق. ففي القدس كانت توجد فنادق، أما في بيت لحم فمبيت الغرباء أصغر من فندق، فلاذ يوسف بمكان فيه مذود للبهائم، هو خان من خانات ذلك الزمان.
كان قد تمَّ الزمان لولادة يسوع، فولدته ولفَّته بالأقمتة ولم يكن في المكان اتساع فوضعت يسوع في المذود. هذا الذي لا تسعه السماوات والأرض، هذا الذي خلَق الأكوان في لحظةٍ لما شاء فقط، لا يجد له مكاناً لا في بيت لحم ولا في موضع صغير ضيِّق وسِعَه مذود البهائم. ربَّنا، تدهشنا!
يسوع بميلاده هذا، كسَر الموازين والقيَم الطبيعية: لم تلِده امه بالأوجاع والأحزان والطلق والمخاض على حسب قضاء الله على حواء. فيسوع ابنها، محبول به بفعل الروح القدس، الحبل به خارق للطبيعة. امّه البتول قد طهَّرها الروح القدس قبل الحبل لتكون حواء جديدة. اشعياء النبي سمّاها “البتول”، فهي بتول دائمة البتولية، وَلدت وهي بتول. ولادتها معجزة كما أن حبلها معجز. لم تتلبَّك في ايداع يسوع مذود مع أنها علمت من الملاك أنه ابن العلي. أحضرت معها الأقمطة، كانت تعرف أن زمان ولادتها قد اقترب. لم تلتمس مكاناً للمبيت لدى الكهنة والوجهاء معتمدة على رفعة من تحمل في أحشائها. صلب يسوع نفسه منذ حلَّ في احشائها فأخفى نوره الباهر أكثر من الشمس عن العيون الّا لما شاء أن يكشفه يوم التجلي لبطرس ويعقوب ويوحنا. هذا التنازل هو بداية درب الصليب. سمّاه بولس “إخلاء”. قال: “أخلى ذاته” (فيليبي 2:7) أي أفرغَ ذاته كما يتم إفراغ الوعاء او إخلاء المكان. كيف يخلي ذاته وهو الذي يملأ كل مكان، هو الملء الذي يملأ كل شيء؟ صار الإله إنساناً، احتجبت الشمس في قطعة شاش، في قماش شفاف. هذا تواضع؟ بولس قال في المكان نفسه: “وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” (فيليبي 2:8). في الرسالة الى العبرانيين جاء أن يسوع شقَّ لنا طريقاً جديدة حيَّة “خلال الحجاب أعني جسده” (10:5-7) وزاد الكتاب: “وبقوة هذه المشيئة قُدِّسنا نحن بتقدمة جسد يسوع مرة لا غير” (10:10). مَن كل شيء رهن إشارة أمره التحفَ بالجسد حجاباً. حجب نوره لنستطيع أن نعاينه. أفرغَ نفسه من مجده الباهر لنستطيع الدنو منه وليستطيع أن يصل الينا ليقتحم كل الحدود، ليقترب منا. قام بهذا طاعة لله الآب الذي لم يرتض بذبائح اليهود بل أحبَّ الإنسان فهيَّأ لإبنه الحبيب جسداً وألبسه إيّاه فجاء طائعاًيصنع مشيئة الآب. يا لهول السر ورهبته! ربنا، ارحمنا.
وما هو قصد الله؟ إنه خلاصنا. كيف؟ بموت يسوع على الصليب طاعةً للآب السماوي. طبعاً ليست مشيئة الآب غير مشيئة الإبن ولكن هذا التصوير البارع في العهد الجديد للأمور يعطينا فكرة أخّاذة عن تدبير الله الخلاصي. هذا الخط النازل من السماء الى الأرض معجزة المعجزات: الآب شاء أن يحتجب إبنه في جسد يُقرِّبه على الصليب ذبيحة من اجلنا. الأبن قَبِل ذلك بطيبة خاطر كبيرة للآب فأخلى ذاته وأطاع حتى الموت موت الصليب. بطاعته قدّسنا وحمل جسدنا.
آدم وحواء تمرَّدا. بنو اسرائيل في الصحراء تمرّدوا على موسى وأسخطوا الله، أما يسوع فأخلى نفسه وحجب مجده وحمل طبيعتنا وقرَّب ذاته للآب ذبيحة. من لا يسعه مكان حَمَل طبيعتنا. الكل حصَر نفسه في جزيء دقيق جداً. الغير ملموس لم يلامسنا فقط بل ضمَّ طبيعتنا اليه حتى صارت جزءاً من شخصه الإلهي. ومريم في بيت لحم غاصت في أعماق هذا التنازل. ما رأت غضاضة في وضع يسوع في مذود البهائم. اليست كل خليقة الله طاهرة؟ نعم! إنما النجاسة في خطيئة الإنسان. المتمرّغ في الخطايا هو النجس لا الحيوان الأبكم. جاء يسوع يحلُّنا من بهيمتنا التي انحدرنا اليها بسبب خطايانا، فصِرنا دون الحيوانات ودون الطبيعة. عايشت مريم يسوع لحظة فلحظة، عرفت مقاصد الله، ففهمت أن مذود البهائم أشرف من قصر هيرودوس السفاح وأشرف من دارات رؤساء الكهنة الذين ما كانوا يؤمنون لا بوجود الروح ولا بوجود الملائكة ولا بقيامة الأموات وأشرف من بيوت الكتبة والفريسيين الممتلئة خطفاً وطمعاً ونجاسة ورياء. نسيَهم التاريخ وشجبَهم، أما مذود بيت لحم فأضحى محجة الزوار من اربع أقطار الدنيا لتتبرّك بلثمه. نحن امام انقلاب جذري في التاريخ. اختار الله ما هو أدنى ليخزي العظماء. ففي بساطة المذود وتواضعه ومقرِّه سرُّ الغنى الحقيقي. ما هو حقير لدى الناس صار شريفاً لدى الله. فهل في الدنيا إنسان ضاقت به الدنيا الى حد إضطرار امه لوضعه في مذود للبهائم؟ أهكذا ضاقت بيت لحم عن أن يستقبل سكانها ضيفاً غريباً من سكانها يعود اليها؟ لقد أفسدَ رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيون الدين الى درجة ما بقي معها في أورشليم وبيت لحم مكان ليسوع وامه البتول.
لم ينكسر التاريخ حين الحبل بيسوع فقط، لقد انكسر الآن حين ميلاده ايضاً. كيف لا والبتول تضحي اماً والمغارة سماء والمذود قصراً إلهياً؟ لقد صارت البتولية أخصب من الزواج بمقدار ما ولادة يسوع من العذراء أكثر خصباً من كل ولادات الناس وأضحى الفقر في المذود أشرف غنى إذ واكبَته البساطة والتواضع وخفض الجناح. صار التواضع وحده شرفاً وصار الترفُّع خزياً ونجاسةً. ألم تقل مريم نفسها: “وشتَّت المتكبرين بذهن قلوبهم، حطَّ المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين، أشبع الجياع من الخيرات وأرسل الأغنياء فارغين”؟ (لوقا 1: 51-52-53). كانت مريم امام المذود منطقية مع نفسها، كانت تعرف أنَّ تنازل إبنها قلَبَ التاريخ راساً على عقب. منذ تلك اللحظة صار مذود بيت لحم عرش ملك الملوك ورب الأرباب (رؤيا 17:14).
أمرَ أغسطس قيصر بإحصاء عام خضع له يسوع نفسه، ولكنه ما كان يعلم أن هذا الإحصاء يحوي قنبلة موقوتة وإن أحد الرعايا سيسجل المسكونة كلها على اسمه منتزعاً إياها لا من سلطة إبليس وكل جنده وكل طاغية عنيد وظالم شنيع. فبيت لحم هي مدينة داود النبي والملك. ولِدَ فيها يسوع ليملك الى الأبد على عرش بيت داود. في الخارج، أوغسطس هو امبراطور الدنيا المتعاظم. في السر والكتمان الشديد تقرَّر بميلاد المسيح زوال مُلكه وبداية مملكة يسوع الرب الإله النبي الملك. فأين تاج أوغسطس المرصَّع بالحجارة الكريمة من مجد مذود ضمَّ الإله –لإنسان يسوع؟ هناك ملك أرضي سجَّل الأسماء في خانات ليجبي منهم الضرائب وكان ما كان فيها من ظلم. وهنا ملكٌ يولد جالساً على عرش الحق والعدل والرحمة. سيسجِّل الناس في خانته ولكن لا لينتزع منهم الضرائب ظلماً بل ليدفع عنهم أخطر ضريبة، هي جزاء خطاياهم فيقدِّم جسده ذبيحة فداء عنهم. هذا إنكسار آخر للتاريخ. لم تعد الرئاسة إبتزازاً للرعية وطغياناً وتسلُّطاً، بل موت الراعي عن رعيته فلا عجب أن يكفر الناس بعد سنين بمملكة قيصر ليعلنوا ولاءهم لملكوت يسوع ويدفعوا ضريبة باهظة لقاء وفائهم له أي الموت شهداء، إقتداءً بمعلِّمهم الشهيد الأكبر يسوع. كلُّ مسيحي لا يتحلّى بنفسية الشهيد هو مسيحي بالإسم ومزيَّف. في يوم ميلاد يسوع تعارضت ملوكية يسوع مع ملوكية أوغسطس وهيرودوس، وتعارض كهنوت يسوع الآتي ذبيحة عن خطايانا مع كهنوت اليهود الظلّي. الأشياء القديمة زالت. “هوذا كل شيء قد صار جديداً”. إن كانت مريم إرتضت بمشاركة يسوع في تواضعه فأضجعته في مذود البهائم، فأن الملائكة خارج بيت لحم في الحقول المنبسطة وراءها لم تصمت. ففي تلك الليلة صمتٌ في القدس وفي بيت لحم كأن الله يعلن سلفاً رفضه لهما. ولكنه اختار رعاة يسهرون في الليالي على قطعانهم وذلك بالتناوب هزيعاً تلو الهزيع. كانوا يقيمون في الحقول، هؤلاء المعتزلون في الحقول مع قطعانهم إختارهم لتمجيد الله، لتمجيد اسمه كما سيختار فيما بعد يسوع صيادي السمك لرسالته. خيار الله واضح: اختار الوضيعين في نظر الناس ليكونوا المتصدِّرين في ملكوت الله. هؤلاء الرعاة المختارون تعرّضوا لشيء مما تعرَّضت له مريم العذراء. وقف بها ملاك الرب فأضاء مجد الرب حولهم كما أضاء حول بولس لا في قلوبهم مثلنا. استولى عليهم خوف عظيم. قال جبرائيل لمريم: “لا تخافي” وقال الملاك للرعاة :”لا تخافوا” إذ كان “قد استولى عليهم خوف عظيم” (لوقا 10:2). بشّر جبرائيل العذراء بالحبل بابن الله الوارث لعرش داود، المالك على بيت يعقوب الى الأبد (لوقا 1: 31-33) والملاك بشَّر الرعاة بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: ” اليومَ في مدينة داود ولِدَ لكم مخلص هو المسيح الرب” (لوقا 2: 10-11) كان جبرائيل قد قال لمريم إنها ستلد وتسمّي ابنها يسوع ويسوع -كما قال الملاك ليوسف- هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم لأن الإسم “يسوع” يعني “يهوه المخلّص” (لوقا 1 : 31 ومتى 1 : 21). مريم ويوسف والرعاة واجهوا واحداً بعينه: ملاك بشّرهم بولادة الرب المخلص. اعتاد اليهود على عبارة “مسيح الرب” التي استعملها لوقا بشأن سمعان الشيخ الصديق الذي أوحى له الروح القدس أن يرى “مسيح الرب” (لوقا 2 : 26) الاعلان ليوسف ومريم والرعاة أسمى بما لا يُقاس من الإعلان لسمعان ولكتبة العهد القديم. فأنهم قد عرفوا من الملاك أن المولود هو المسيح الرب وانه الرب المخلص. والرب على لسان الرعاة في لوقا (2 : 15 ) هو الله. مجد الرب أضاء حول الرعاة (لوقا 2 : 15) هو الله. مجد الرب أضاء حول الرعاة (لوقا 2 : 9). صام موسى أربعين يوماً قبل ان يحظى بسطوع مجد الرب على وجهه. الرعاة حظوا بذلك دون صوم. ميلاد يسوع عرس، أعفاهم من الصوم وأيّ عرسٍ أعظم من هذا العرس؟ لقد صاروا رعايا مملكة المسيح الرب القادم الينا عريساً يطهّرنا بدمه من كل خطيئة ويضمّنا اليه لنصبح جسده ولحماً من لحمه وعظماً من عظامه. الآن أضاء مجد الله حولهم، ولكن في يوم العنصرة سيسكن مجد الله في القلوب. غريغوريوس بالاماس يقول: إن الرسل أثناء التجلي ما حظوا بهذا النور الا خارجياً. لم يكن يسوع قد مُجِّد بعدُ بالموت على الصليب لينسكب الروح القدس في قلوبنا بغزارة (يوحنا 7 : 39) يوم العنصرة، كان ايضاً عابراً على وجه موسى. الآن يسكن فينا. ولكن كيف يهتدي الرعاة الى مكان وجود يسوع؟ استعمل لوقا الانجيلي لفظة “علامة” وهي تعني في اليونانية “آية” أيضاً (2 : 12).
قال الملاك للرعاة: “وهذه هي العلامة لكم، انكم تجدون طفلاً ملفوفاً بقمطٍ ومضجعاً في مذود” (لوقا 2 : 12). هؤلاء الرعاة سمعوا من الملاك أنه المسيح الرب، والرب على لسانهم هو الله (2 : 15) فكيف يقول لهم الملاك أنه طفل ملفوف مضجع في مذود؟ لا تسألوا مَن أضاء مجد الله حوله عن قناعاته. فقد صَلَبَ مجد الله عقله، فلا يستغرب إن قال له الملاك إن المخلص الرب المسيح ملفوف بقمط ومضجع في مذود، حاله كحال مفلوج بركة بيت حسدا الذي ردّ اعتراض اليهود على حمله سريره يوم السبت بقوله لهم :”الذي ابرأني هو قال لي: إحمل فراشك وامشي” (يوحنا 5 : 11) في الأمر عجب عجاب. لم يعطهم الملاك “علامة” فقط بل وضعهم امام آية، آية الإله الصائر ضجيعاً في مذود البهائم. يا للسرّ الذي لا تُدركه العقول! ولذلك للحال بدون إبطاء، قام جمهور من الجند السماوي بالمهمة خير قيام فأطلقوا في الفضاء صواريخ التسبيح لله، رافعين في الأعالي المجد لله ومبشرّين على الأرض بالسلام أهل رضوان الله ومسرّته (لوقا 2 : 13 – 14).
يوم ميلاده أنشد له الملائكة. يوم الحبَل به، بقي السر مخيّماً. إلا أن اليصابات قامت بالدور الذي قام به الملائكة يوم ميلاده فابتهجت وباركت وأعلنت ايمانها بمريم العذراء أماً للرب. “والرب” على لسان اليصابات هو الله (لوقا 1 : 43 – 45) فاستثارت بذلك مريم التي خرجت عن صمتها لتُعظِّم الرب وتبتهج روحها بالله يسوع مخلّصها (لوقا 1 : 39 – 55) وثق الرعاة أنهم مطية إعلان إلهي وأن الرب أطلعَهم على الحادث فأسرعوا الى بيت لحم فعاينوا الأمر وفق ما وصفه لهم الملاك و “أخبروا بما قيل لهم عن هذا الصبي” (لوقا 2 : 17) وعادوا وهم يمجدون الله ويسبحونه على جميع ما سمعوا وعاينوا على حسب ما قيل لهم (لوقا 2 : 20). لقد عاينوا الرب المسيح المخلص في مذود. رأى الرعاة في أقمطته ومذوده أكفانه وقبره؟ المذود والقبر تعانقا. إنضمام الملائكة الى الرعاة هو إعلان سلام بين السماء والأرض. الرعاة هم نواة أهل الأرض الحائزين على رضوان الله الفائزين بسلام السماء. ميلاد المسيح كان آية لهم وسيبقى آية لكل الذين يؤمنون بأنه إبن الله الحي الآتي لخلاص العالم.
في ليلة ميلاد المسيح تمّ فصل النور عن الظلام. هيرودوس وسكان اليهودية غائبون عن افتقاد الله لبلدهم كزائر ملوكي من نسل يهوذا وأصل يسّا ونسل داود. أما الرعاة فمجّدوا وسبّحوا بعدما أحاط بهم نور مجد الله وعاينوا الإله في مذود. الرعاة في نور، سواهم في ظلام. هم رأس قافلة اسمها “المستنيرون”. بقي الحبل مكتوماً إلا عن اليصابات ويوسف لاحقاً. اما الميلاد فمُحاط بهالة نور. لقد أطلع نور المعرفة في العالم وأتى بالفقراء الى السماء الجديدة تاركاً قساة القلوب وغلاظ الرقاب والمتكبرين في مطاوي النسيان. فقراء الله هم الورثة لا أهل الإستكبار.
ولكن فئة أخرى غريبة عن رعوية اسرائيل استطاعت بالعلم أن تفهم إشارة الى ميلاد المسيح. الرعاة عرفوه في مذود، شاهدوا استبدال السماء بمذود الحيوان. يسوع هو ايضاً حمل الله الرافع خطايا العالم، والرعاة متعوّدون على احتضان الحملان. اما المجوس الأجانب علماء الفلك، فقد شاهدوا نجماً في المشرق وكان تحرّك النجم جديداً في نظرهم. بحسب علم زمانهم اعتقدوا أنه يشير الى حدث عظيم ومولد عظيم. قادهم الى اورشليم وغاب عنهم فسألوا عن المولود ملك اليهود ليسجدوا له وأخبروا بظهور نجمه لهم في المشرق. اضطرب هيرودوس وكل اورشليم معه. متى الإنجيلي استعمل هنا ويوم الشعانين لفظة مصدرها يعني ” الزلزلة”. تزلزلت اورشليم، خشي هيرودس أن يخسر العرش. رؤساء الكهنة وكتبة الشعب لعبوا دور إعلام هيرودوس عن مكان ولادة المسيح. كما تروي الكتب المقدسة كان دورهم سلبياً. لا نرى في العهد الجديد أي أئر لهذه الزلزلة. فلا رؤساء الكهنة ولا الكتبة انطلقوا في حملة بحث عن المولود ولا الشعب انصرف الى ذلك. هل ظنوا أن إبادة هيرودوس للأطفال قد قضت على حياة يسوع؟ لكنهم يؤمنون بأن المسيح سيحكم. لماذا لم يحملوا الأمر على محمل الجد الكامل لسنوات عديدة؟ الكتاب الإلهي أغفل الأمر إلا أن معاملة رجال الدين اللاحقة ليسوع أبانت رداءة معدنهم وتعصّبهم لمراكزهم بغيرة وحسد. يسوع خصم طبيعي لهم ولكل عتاة الرقاب من اهل السلطة.
المجوس الوثنيون خرجوا من القدس فظهر لهم النجم من جديد وقادهم جنوباً الى مكان وجود يسوع. المجوس لاحظوا نجماً غريباً. صفَت نياتهم فقادهم الى يسوع. بولس كان مخلصاً في قناعاته وعدائه للمسيح، فقلَبه رأساً على عقب. صفاء النيات، إخلاص الانسان لعقيدته شرطان لازمان للمؤمن ولغير المؤمن لكي يحتفظا بسمعتهما كبشر. الخبث خميرة فساد وإنحلال. المجوس مخلصون لعلمهم، فقادهم الى يسوع. خرّوا وسجدوا له وقدموا له الهدايا ذهباً ولباناً ومراً. أتوا اليه على أساس أنه ملك اليهود، سجدوا له فاذا بهم يُقدِّمون الذهب كملك واللبان كإله والمر كدَفين. سواء رأى الرعاة والمجوس فيه إلهاً دفيناً مقمطاً بقمطٍ كسابقة الأكفان أم لم يروا، فأننا اليوم لا نستطيع إلا أن نرى فيه الإله الذي حمل كفَنه يوم مولده، فكان مذوده مُنبئاً بقبره وكان المرّ مخبراً بحنوطه. لا نسجد الا لمسيحٍ مصلوب مدفون قائم من الموت لأنه هكذا احب. مسيح غير مصلوب لا يعني لنا شيئاً (1 كور 1 : 23) مسيحنا مصلوب، مصلوب، مصلوب.
لماذا حمَل ميلاده الينا نغمة الكآبة هذه، بدَلاً من أن يكون بؤرة أفراح لا توصف؟ الأمر أمره وما علينا الا أن نؤمن بكلامه. هو اعتبر الصليب مجده. قال بولس إن كلمة الصليب هي قوة الله للخلاص (1 كور 1 : 18) وقال :”حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح” (غلاطية 6 : 14) وافتخر بأوهانه.
رعاة، وملائكة، ومجد الله، مجوس ونجم، مريم ويوسف، اليصابات ويوحنا المعمدان، هؤلاء هم شهود الحبل والولادة. نِعم الشهود هؤلاء الشهود. العدد قليل ولكن دم المسيح سيقيم بالروح القدس عدداً لا يُحصى من الشهود الذين يدمغ كثيرون منهم شهادتهم بدمائهم المسفوكة من أجل يسوع. إنهم بواكير حصاد عظيم من فقراء اليهود ومتفرقي أمم الأرض ليحلّوا محل الشعب اليهودي الذي غاب عن ميلاد المسيح وصلبه: صار الآخرون أولين. يسوع “طيَّبَ” خاطر المساكين فجعلهم جلساءه الأحباء.
الرعاة بشّروا ومجّدوا وسبّحوا. المجوس خرّوا وسجدوا. الملائكة أنشَدوا. أما مريم التي كانت تلازم يسوع ليلاً ونهاراً فقد اختارت أن تحفظ كل شيء وتتأمله في قلبها. ما استطاع الرعاة سابقو الرسل صمتاً، فكيف استطاعت مريم التي تلازم يسوع أن تصمت؟ إن كانت رؤية واحدة تُبهر العيون فما لون عينَي مريم حتى إن يسوع لم يبهر عينيها الشاخصتين اليه كل حين؟ هل أكسبَها سكنُ ابن الله فيها بعضاً من الصفات الإلهية فغدَت نفسها تتمتع بحالة إلهية من ثبات الروح وسكونها؟
إن الذهول يعترينا امام المذود. ولكن لا ننسى في رؤيتنا الإله في مذود ذلك الآخر، ذلك الإنسان الجالس في السماء. إله نزل وإله صعد. وهل نزل الله إلا لكي يُصعدُنا؟ غريغوريوس بالاماس قال في العذراء إنها التخوم بين غير المخلوق والخالق. نعم! هي دون الخالق ولكنها أعلى المخلوقات، فكانت على الحدود الفاصلة بين الخالق والمخلوق وقد سبَقت البشر الى المجد الابدي. هي الآن ممجدة في السماء، لا تنتظر مثلنا يوم بعث ونشر وحساب وكذلك الشهداء (رؤيا 7 : 14 – 17). في بيت مريم بالناصرة إتحد الله بالانسان. في مغارة بيت لحم اجتمعت بواكير الرسل والمؤمنين، انها سابقة الكنيسة حيث الميلاد والدفن وكل غنى كنوز الله. اليست الكنيسة هي المسيح؟ نعم.
هناك سجد الناس للمرة الأولى في الروح والحق. يسوع هو الحق. كل ظهورات العهد القديم رموز وظلال، أما في مغارة بيت لحم ومذودها فقد عاين الناس للمرة الأولى الإله. قال يسوع لتلاميذه :”…إن كثيرين من الأنبياء والملوك والصدّيقين اشتهوا أن يروا ما أنتم راؤون ولم يروا وأن يسمعوا ما انتم سامعون ولم يسمعوا” (متى 13: 16-17 ولوقا 10: 23- 24) في مغارة بيت لحم بدأت هذه الرؤيات، فيها ظهر للناس علانية. لذا، فميلاد المسيح نورٌ باهر أشرق في ظلام التاريخ وكانت العذراء على رأس الملتحفين بهذا النور. إن كنا نكرِّم ابنها المولود فإننا نكرِّمها الى جانبه لأنها هي التي اقتنصته. هي التي استدرّت ماء الغمام البعيد المنال. كمال رضوان الخالق هو نصيبها فكانت قربان الأرض للسماء الذي التهمته النار الإلهية كما التهمت ذبيحة ايليا النبي. مريم فخر العالم ومجده.
فيا مَن ولِدتَ في بيت لحم وثوَيت في مذود البهائم من اجلنا، إتخذْ قلوبنا مذوداً لرضوانك واجعلْ عيوننا شبيهة بعيون العذراء في التحديق اليك وتأمل دقائق شؤونك وأحوالك. فإن اضطجاعك في مذود قد أفحم عقولنا المتفلسفة. فاقبلْ قلوبنا هدية، وإعجابنا بمولدك بخوراً زكياً وأعطنا أن نكون مطيعين لك فنسهر على شؤون كنيستك مصلّين مثل الرعاة الساهرين، لا غاطّين في الهموم المعاشية والسكر والملذات الفانية وعبادة المال، فنغرق في النوم غافلين عنك كما غفل هيرودوس وسكان اورشليم وبيت لحم. إنك السميع المجيب. قدومك الينا هو سيد الإجابات فحلَّ في قلوبنا ضيفاً أبدياً.
وانت يا يوسف
قل لنا، ماذا كان موقفك من بشرى حبل مريم بيهوه الفادي؟ متى الإنجيلي بخيل جداً في التفاصيل. هو قاضي قضاة الموضوعية والنزاهة والحياد والصدق قبل تشدّق عصرنا بهذه القيم. لا يُحدِّثنا عنك وعن مريم والبشارة والميلاد الا عرضاً وباقتضاب كبير. لا تزويق، لا تجميل، لا عواطف، لا ذهول: جمود صخري. حصر أمره في تبيان كون يسوع هو المسيح ابن داود ابن ابراهيم وكون العذراء هي ام عمانوئيل-يهوه الفادي-المخلص. انها موضوعية لم يبلغها عصرنا بعد. يا متى، انت مدهش.
cl�$”Mo��� �� eference>[14].
ماذا يعلّمنا التجلي؟
يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: “… أنا أشعر بأنه سوف يأتي بالجسد كما ظهر للتلاميذ على الجبل حيث استعلن، والألوهة تنتصر على الجسد الشقي[15].. ويوافقه ذيونيسيوس الأريوباغي الذي يؤكد: “سوف يظهر الرب لخدامه الكاملين (في ذلك اليوم) كما رآه الرسل تماماً على جبل ثابور”.
لنتأمل بعيوننا الداخلية هذا المشهد العظيم: طبيعتنا تستقر أبدياً مع نار الألوهة اللاهيولية، ولنترك هنا أقمصتنا الجلدية التي نلبسها منذ معصية آدم وسقوطه، ولنقف في أرض مقدسة مظهرين كل واحد منا بأن أرضه مقدسة بفضيلته وشوقه إلى الله، وبثقة من يقف في نور الله لنهرع كي نستنير من بهائه ونعيش إلى الأبد مستضيئين في مجد البهاء المثلث الشموس والواحد في آن، الآن وإلى دهر الدهور، آمين.
[1] Triades I, 3, 28.
[2] – Georges Habra, La Transfiguration selon le Pères grecs, Editions SOS, 1973 (p 42).
[3] – أناجيل ورسائل، الأعياد السيدية والثابتة، شباط ـ آب ـ تعاونية النور الأرثوذكسية للنشر والتوزيع م.م. 2005، ص 823.
[4] – المصدر نفسه، ص 824.
[5] -Grégoire Palamas, Homélies, YMCA-Press/O.E.I.L., 1987.
[6] -Grégoire Palamas, Homélies, YMCA-Press/O.E.I.L., 1987.
[7] – أناجيل ورسائل، الأعياد السيدية والثابتة، شباط ـ آب ـ تعاونية النور الأرثوذكسية للنشر والتوزيع م.م. 2005، ص 858.
[8] -Grégoire Palamas, Homélies, YMCA-Press/O.E.I.L., 1987.
[9] Triades II, 3, 22.
[10] -Grégoire Palamas, Homélies, YMCA-Press/O.E.I.L., 1987.
[11] – أناجيل ورسائل، الأعياد السيدية والثابتة، شباط ـ آب ـ تعاونية النور الأرثوذكسية للنشر والتوزيع م.م. 2005، ص 858.
[12] – المصدر نفسه، ص 832.
[13] – Habra, La Transfiguration selon le Pères grecs, Editions SOS, 1973 (p 42).
[14] – المصدر نفسه ، ص 826.
[15] – Habra, La Transfiguration selon le Pères grecs, Editions SOS, 1973 (p 35).