أحد الارثوذكسية
العظة:
باسم الآب والابن والروح القدس ,آمين
( لا يتقدم الى المناولة المستحق بل المنسحق)
ايها الاحباء :ها نحن في المحطة الاولى في مسيرتنا نحو الفصح ، وتسمى هذه المحطة الاولى او هذا اليوم ،احد الارثوذكسية ،اي عيد الكنيسة الارثوذكسية.
كلنا نقول نحن ارثوذكس ومرتبطون بالكنيسة الارثوذكسية، ولكن هل نعرف معنى ما نقول بالضبط ، نحن ارثوذكس.
كلمة ارثوذكسي تعني وجهة نظر مستقيمة ، اي مستقيم في كل شيء ،في كل مسألة أكانت دينية او اجتماعية .
الارثوذكسية ليست ديانة جميلة بين اخريات ،بل هي نمط ومنهج وموقف وطريقة حياة مستقيمة ،هي سهرانية متواصلة فقيامة.
الارثوذكسية تعني العمل القويم الصحيح والمعرفة الحقيقية والمستقيمة،الارثوذكسية هي عيش المسيح اكثر مما هي تتعلم عن المسيح.الارثوذكسية هي التطهروالاستنارة والتأله.الارثوذكسية تدعو الارثوذكسين ان يكونوا قديسين وان لا يخافوا من القداسة. وان يؤمنوا بان يسوع هو المسيح ابن الله لكي تكون لكم اذا آمنتم حياة باسمه( يوحنا 20: 30- 31).
الارثوذكسية تدعو الارثوذكسيين ان يعيشوا الايمان المستقيم والصحيح من خلال حفظ الوصايا ،من هنا يأتي حفظ وصايا الله، من قبل الارثوذكسي المؤمن كتعبير عن طاعته ومحبته لله الذي اوصى بها ،بل عن ايمانه بان حفظ الوصايا هي مساهمة في خلاصه ومشاركته حياة المسيح الالهية .التي بدونها اي حفظ الوصايا لن يدخل احد ملكوت السماوات او يحصل على الحياة الابدية كما يقول الانجيل المقدس.
اتريدون ان تجدوا المسيح معشوقكم وان يكون المسيح الحبيب معكم ، ما عليكم الا ان تجاهدوا كي تحفظوا وصاياه وقتها ستجدون المسيح.
اما من يحفظ الوصايا بكسل وبتهوان واستهتار هو ملعون ،كما يقول الكتاب المقدس:” ملعون من يعمل عمل الرب بتراخ ” ( ارميا 68: 10) .
ومن ضمن الوصايا التي تشدد وتتمسك بها الكنيسة هي الصوم وخاصة الصوم قبل المناولة الالهية.
لذا الكنيسة الارثوذكسية تعلم ابناءها وتشجعهم على المناولة شرط الاستعداد الكلي لها والرهبة والتقوى المطلوبة امام المناولة، لانها تخاف من ان يكون بعض الناس يقدمون للمناولة لان الاخرين يفعلون هذا بدون ان يعوا معنى ما يفعلون.
الاشتراك في المناولة يتطلب تهيئة روحية وجسدية ،هو ليس عملا ميكانيكيا، مثل اي وجبة طعام ، بل هو طعام الهي. والتهيئة ليست عملا وليد ساعته يقوم به المؤمن ، انما هو عمل حياتي مستمر ودائم .
التهيئة ضرورية جدا ،”من يأكل هذا الخبز او يشرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه “( 1 كورنثوس 11- 27 ) .
لماذا يصف الانجيل هذا المتقدم للمناولة بانه مجرما ؟ الجريمة هي اشد درجات الخطأ . فاذا تناول الانسان بدون الاستحقاق فحينئذ لا يصبح فقط مخطئا بل مجرما في حق جسد الرب ودمه لانه يستهتر ويتعامل معه كما لو كان مجرد خبز بسيط ولا يعطيه الاحترام اللائق بجسد الرب المقدس.
ان سبب شدة العقوبات هو ان المناولة هي جسد ودم حقيقي للرب ،مثلما قال الرب نفسه:” جسدي مأكل حقيقي” “ودمي مشرب حقيقي” ( يوحنا 6: 55) .
لذا رتبت الكنيسة للمؤمنين وهيأتهم للمناولة حتى لا يأخذوا دينونة لانفسهم جملة ممارسات تساعد المؤمن على التهيئة اللائقة ،منها:
الانقطاع عن الصوم والشراب قبل المناولة الالهية وتلاوة صلوات الخاصة بالاستعداد للمناولة ،وايضا من ممارسات التهيئة للمناولة المصالحة وممارسة سر التوبة والاعتراف من حين الى اخر.
اذا تشدد الكنيسة على الصوم والانقطاع عن الطعام والشراب وحتى التدخين قبل المناولة ، لم تضع الكنيسة عبثا هذه الوسائل وانما لفائدة المؤمنين. لذلك ارجو من ابناء هذه الرعية التقييد بهذه التوجيهات من اجل بنيانهم الروحي وخلاص نفوسهم، وحتى يكون ايمانهم مستقيم وحياتهم مستقيمة وحتى يكونوا ارثوذكسيين لاغش فيهم.
اسمعوا جيدا ما يقوله القديس يوحنا الذهبي الفم بهذا الخصوص:
يقول القديس بولس الرسول :”كل من يأكل من هذا الخبز ويشرب كأس الرب من دون استحقاق يكون مجربا تجاه جسد الرب ودمه ،وانما هو يأكل ويشرب دينونة لنفسه “( اكورنثوس 11: 27- 29) .
اي سيعاقب بشدة مثل صالبي المسيح .. ويتابع القديس :” هذا يرعبكم ،أعرف ويجعلكم تضطربون ويلسع ضميركم لكن ألا يلسعني ايضا ما اقول؟ الجراح مشتركة ،لذلك اضع الادوية نفسها على جراحكم وعلى جراحي … كثيرون لم يستطيعوا احتمال الملاحظات المحدودة التي ابديتها للذين يتناولون من دون استحقاق فجاءوا اليّ يقول القديس، ليقولوا بسخط وغضب هل انت تطردنا من الكنيسة وتحرمنا المناولة الالهية؟ كلا انا لا اطردكم بل على العكس اجلبكم اليها لان خوف العقاب يسكن ضميرنا ويعمل فيه كما يفعل اللهب بالشمعة.
وكما ان الطبيب الذي يعطي ادوية للمرضى مرّة يخلّصهم من جراثيم المرض فاتحا شهيّتهم وجاعلا منهم يطلبون الاكل بشهية اكبر ،هكذا المعلم الروحي الذي يقول كلمات مرّة يخلّص القلب من الافكار الشريرة ويخفف النفس من عبء الخطايا الثقيل …
يتوجه هنا القديس الى الكهنة فيقول لهم بمعنى: اذ لم يهتم بك ايها المؤمن الكاهن ويوجهك وينبهك ويهتم باصلاحك فانه سيكون مع الخطأة في الجحيم ويتابع القديس فيقول :” انتم ايها الكهنة يجب ان تعطوا تلك العطايا الالهية بانتباه شديد والا فستدانون ، ان عرفتم ان احدا قد اقترف خطيئة وبقي غير تائب لا تسمحوا له بان يأخذ مكانا في العشاء الفصحي حتى لو كان قائد جيش او رئيس او الملك نفسه يقترب من دون استحقاق امنعوه.
انتم لديكم سلطة اكبر منه فلا تخافوا منه مهما كانت سلطته ، خافوا الله لا الانسان، والا سيخسر منكم الانسان وتاليا فان الله سيحزن وعندما لا تجرون على القيام بأمر كهذا لا تترددوا باعلامي ،وانا لن اسمح بحدوث ذلك مثل هذا الاستهتار والازدراء بالقدسات، سأفضل الموت على ان اعطي جسد المسيح لمن لا يستحقه .الافضل ان يفقد احد حياته من اجل الله بدلا من ان يخلّص حياته مؤقتا ويحرم من الله الى الابد . ”
اخيرا : احبائي استعدوا دائم قبل ان تتناولوا القدسات بالصلاة بالصوم بالصدقة والتوبة والاعتراف ،ثم تقدموا بايمان وبورع وخوف.وهكذا تكون المناولة الالهية لتقديس نفوسكم واجسادكم واتحاد تام مع الله .انتم تقررون اما تدينون انفسكم بانفسكم او اما تحصلون على الحياة الابدية . أمين