التمثل بالله
احد مرفع الجبن ( احد الغفران )
النص الانجيلي:
متى (6: 14-21)
قال الرب إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي أيضاً* وإن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضاً لا يغفر لكم زلاتكم* ومتى صمتم فلا تكونوا معبسين كالمرائين. فإنهم ينكّرون وجوههم ليظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم إنهم قد أخذوا أجرهم* أما أنت فإذا صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لئلا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفية. وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك علانية* لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يُفسد السوس والآكلة وينقب السارقون ويسرقون* لكن اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب السارقون ولا يسرقون* لأنه حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم*
العظة
باسم الآب والابن والروح القدس,آمين
اغفر يارب يا ابانا السماوي خطايانا التي اجترمناها نحوك لاننا نغفر للذين يسيئون الينا ( متى 6: 12و 14)
” واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن نحن لنا عليه ”
ايها الاحباء ها نحن على عتبة الصوم الكبير المقدس ،غدا انشالله نبدأ مسيرة الصوم ،مسيرة نحو الفصح ، معا نصوم ونصلي ونتوب ، ومعا نفرح بالصوم المحيي ،الذي يحيينا بنعمه ويسكب علينا البركات السماوية .لعلا نكون مستحقين ومؤهلين لهذه النعم السماوية،حتى نصل الى الفرح الالهي السرمدي ،فرح القيامة والانتصار.
لكي تبدأ مسيرتنا نحو الفصح بواسطة الصوم علينا ان نملئ نفوسنا وذهننا وقود روحية لتقوية مسيرتنا الطويلة نحو المبتغى ،ومن ضمن الوقود الروحية او الاشياء الضرورية لهذه المسيرة هي الغفران والمسامحة.
لهذا الكنيسة في استعدادها الاخير تذكرنا وتنبهنا بالغفران ولاجل هذا قرأت علينا هذا النص الذي سمعناه منذ القليل .
ايها الاحباء : تعرفون ان الرسول بطرس سأل الرب :” كم مرة يخطأ اليّ اخي واغفر له ، أسبع مرات .فأجابه يسوع : ” لا أقول لك : سبع مرات ، بل سبعين مرة سبع مرات ” ( متى 18: 21- 22) .
هذا السؤال يعطينا التأكيد على ان بطرس لم يستوعب او لم يفهم بعد رسالة بشارة يسوع أو رسالة الرحمة او بتعبير اخر لم يتعرف بعد الى اله الرحمة الذي هو اله العهد الجديد ،بل كان متأثرا ومحتفظا في عقله بما كانت الشريعة اليهودية في العهد القديم ، بحيث ان مشكلة غفران ذنوب الاخرين لم تكن مطروحة عند اليهود ، لان شريعة موسى كانت تسمح بالاخذ بالثأر.
ايضا اقسى ما وصل اليه علماء الشريعة عدد المرات التي ينبغي للاخ ان يغفر لاخيه هو اربع مرات .
فحمل بطرس ما يعرفه وزاد عليه وقال ليسوع أسبع مرات ! سمعه يسوع ادرك ان تلميذه تخطى الشريعة ولكن ما زال ضمن قوانين بشر ، فأجابه لا سبع مرات، بل سبعين مرة سبع مرات .
اي عليك ان تغفر دائما وان الغفران لا يحد في زمن او في عدد ، بل يستمر في كل عمل . ايضا اراد ان يقول لبطرس ان في الحياة الجماعة تسقط كل القوانين البشر، ثمة في الكنيسة او الجماعة المؤمنين ثمة قانون واحد وهو قانون المحبة .
اراد الرب في جوابه لبطرس ان يقول لتلاميذه ولنا ايضا تحديدا اراد ان يقول ان العلاقة التي تجمع الاخوة تقوم على التمثل بالرب يسوع .
كل حياتنا الكنسية او الروحية قائمة بان نقتدي وان نتمثل باله الذي احب العالم بجنون غفر وسامح . ليس في العلاقات الاخوية من مكان للخصام والعداء.
الرحمة والمغفرة يطلبها منا المسيح اذا يقول لنا : كونوا رحماء كما ان اباكم السماوي رحيم ، اذا نحن مدعوون الى التشبه بيسوع المسيح
لهذا اوصانا الرب يسوع ومتى وقفتم للصلاة فاغفروا ان كان لكم على احد شيء لكي يغفر لكم ابوكم السماوي زلاتكم وان لم تغفروا .. لا يغفر لكم ابوكم السماوي زلاتكم ( مرقس 11: 25- 26) .
لهذا نحن نستمد رحمة الله بممارسة المغفرة ، فالمغفرة هي عمل الرحمة ، ننال بها رحمة من الرب بحسب قوله :” طوبى للرحماء فانهم يرحمون “( متى 5: 7)
امّا عدم المغفرة فهي قتل للاخر واننا اذ نفعل هذا نقطع انفسنا عن رحمة الله ومغفرته. وقال القديس يوحنا السلمي :” من طرح الضّغينة وجد الغفران ومن تمسك بها حرم الرحمة ” وايضا :” من يصلي وهو لم يغفر لقريبه يكون كمن يزرع في البحر .
لهذا فعمل الرحمة واجب كل مؤمن ” لان الدينونة لا رحمة فيها لمن لا يرحم ” ( يعقوب 2: 13) .من يرحم قريبه فيقرض الرب ” ( امثال 19: 17) .
ولكن ثمة من يقول يا ابانا نحن نعيش في مجتمع كله ذئاب مفترسة ، كلنا بشر معرضين للاخطاء والهفوات . اصبح كل واحد منا مخطئا نحو الاخر.
نعم صحيح الخطأ موجود ولكن ما موقفي انا المؤمن من هذا الخطأ ؟ والذي ينتج عنه؟.
الجواب : بكوني مسيحيا أدين بشريعة المصلوب ،وانتم الحاضرون هنا ، احبة المصلوب وابناء المصلوب ، يجب ان تغفروا لمن اساء اليكم واحسنوا اليهم ، كما فعل معلمكم والهكم الرب يسوع في كل حياته ، حتى في ساعاته الاخيرة وهو مرفوع كالمجرمين على صليب التضحية والمحبة ونكران الذات .
يعني ان تحملوا الصليب وتتبعوه ،الغفران ومسامحة الاخرين هي اول مظهر من مظاهر حمل الصليب بل هي اصعب ما في الصليب .
” كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين، متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح ” قال الرسول بولس. وايضا :” محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا ان كان لا حد على احد شكوى كما غفر المسيح هكذا انتم ايضا .. احملوا اثقال بعضكم وهكذا اتموا شريعة المسيح ” . وهكذا علمنا ايضا يسوع ان نصلي :”واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه.
اذا يا احبائي من يريد ان يصوم ويفرح بالعيد عليه ان يصلي بالتواضع مثل تواضع المسيح ومثل صلاة العشار ، وان يتوب بالصدق مثل الابن الشاطر وان يحب مثل محبة الله للانسان وان يغفر ويسامح كما يغفر ويسامح الله.
لهذا وضع الصوم لكي يتدرب الانسان المؤمن على المحبة نحو الله والقريب ،وضع الصوم لاصلاح الانسان ،وتغيير منهج حياته وعودته الى اصله واصالته الاولى اي الى حياة الفردوسية