التواضع في الفكر الاباء القديسين
احد الفريسي والعشار
لوقا (لو18: 10-14)
التواضع مفتاح باب السماء
النص الانجبلي :
” قال الرب هذا المثل إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصليا أحدهما فريسي والآخر عشّار. فكان الفريسي واقفاً يُصلي في نفسه هكذا اللهم إني أشكرك لأني لست كسائر الناس الخطفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشار. فإني أصوم في الأسبوع مرتين وأعشِّر كل ما هو لي. أما العشار فوقف عن بعد و لم يُرد أن يرفع عينيه إلى السماء بل كان يقرع صدره قائلاً اللهم ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مُبَرَّراً دون ذاك. لأن كل من رفع نفسه اتضع ومن وضع نفسه ارتفع. ”
العظة:
باسم الآب والابن والروح القدس ,امين
” اتضعت فخلصني الرب سريعا ” يقول النبي داود
ايها الاحباء: ها هو الصوم الكبير المقدس يطل علينا من بعيد ،ونحن بلهفة وشوق ننتظره ،لانه فترة مباركة نقضيها بالصلاة والصوم ،اي نقضيها اكثر قربا مع المسيح .فنحن الان دخلنا بمرحلة الاستعداد والتهيئة لاستقبال العريس . وايضا العروس اي الكنيسة انتم المجتمعون هنا تتهيئون لاستقبال العريس ولكي يتم الاتحاد بين العريس والعروس ويكون الاستقبال مهيئا ومستحقا لهذا الحدث المقدس يجب ان تكتسبوا وتمتعوا بالفضائل ومن ضمن هذه الفضائل نعمة التواضع ( تواضع المسيح )
يقول احد القديسين قبل كل شيء نحن بحاجة الى التواضع بحاجة لان نكون مستعدين ان نقول عفوا اي( اغفر لي وسامحني) .
لماذا قبل كل شيء نحن بحاجة الى التواضع ،لماذا لا يقول : قبل كل شيء نحن بحاجة الى العفة، او بحاجة الى التوبة، او بحاجة الى الرحمة او الايمان .فلماذا اذا يقول احد القديسين قبل كل شيء نحن بحاجة الى التواضع؟
لانه يريد ان يظهر لنا ان لا التوبة ولا الصدقة ولا الايمان ولا العفة ولا اي فضيلة يمكن ان تكون بدون تواضع. ولهذا السبب يقول قبل كل شيء نحن بحاجة الى التواضع وان نكون مستعدين ان نقول عفوا لكل كلمة نسمعها.
لانه بالتواضع تتحطم قوة عدونا اي الشيطان وتتحطم اذيَته. مثلا ان كان احد يريد ان يصلي يمانعه الشيطان بافكار السيئة ،وان اراد اخر فعل الرحمة يوقفه عن ذلك لمحبة الفضة والبخل .
ايها الاحباء : مغبوط من عنده التواضع .لان التواضع لا يغضب ولا يغضب احدا ، انه يحفظ النفس من كل هوى وتجربة .
عندما كان القديس انطونيوس يقع في تجارب الشيطان ، سأل الله متنهدا من يستطيع ان يتخط حبائل الشيطان ؟ اجابه الله : التواضع يتخطاها .
انه خير كبير ان يتعلم الانسان تواضع المسيح. فهذا التواضع يجعل الحياة سهلة وفرحة . وكل شيء يصبح عذبا للقلب .
والسيد المسيح لا يكشف ذاته الا للمتواضعين، فاذا لم نتضع فلن نعاين الله، ان التواضع هو النور الذي نعاين به النور ، اي الله ،كما ترتل الكنيسة وبنورك نعاين النور .
التواضع هو فردوس المسيح حيث يسكن جميع البشر في الحب ،ويكون الجميع في فرح لانهم يحسون بان الاخرين هم اعلى مرتبة منهم .
لذلك يا احبائي صلوا حتى تتعلموا نفس تواضع المسيح ،واطلبوا من الرب ان يعطيكم القوة لكي تتضعوا امام عظمة الله.
كما قال القديس سلوان :” ياسيد امنحنا عطية تواضعك المقدس.
يا سيد اعطنا كلنا روحك القدوس المتواضع مجانا لانك اتيت لتخلص البشر..
وايضا يقول القديس سلوان الاثوسي : يجب ان لانخاف الشياطين بل من الكبرياء والانانية لانهما يفقدانا النعمة . لاننا بنعمة الروح القدس نعرف ما هو حب الرب للبشر ،وبالرغم من حب السيد المسيح لنا ، فنحن نسقط لانه ليس لدينا التواضع الكافي والحقيقي .
ماذا علينا ان نفعل حتى نحصل على سلام النفس والجسد اي التواضع ؟
ان نحب كل البشر مثل انفسنا وان نكون في كل ساعة حاضرين لكي نموت ، عندما تتذكر النفس الموت تتضع وتسلم ذاتها بالكلية الى مشيئة الله .
لذلك السيد المسيح لا يكشف نفسه للنفس المتكبر ، فالمتكبر حتى ولو قرأ كل الكتب المقدس وصلَ وصام ،فلن يعرف اذا السيد ، لان الكبرياء لا يترك مكانا لحلول نعمة الروح القدس فيه ، والله لايعرف الا بالروح القدس .اذا بغير التواضع لا يمكننا المحافظة على نعمة الروح القدس
لذلك اذا اصبح الانسان متواضعا فلا الحزن والضعف يقتربان منه ، لان الروح الالهي يملئه فرحا وسرورا ، والسيد يمنحه المجد بان يكون معه ، اذ قال : ” حيث اكون انا هناك ايضا سيكون عبدي ” .
اخيرا ليس افضل من العيش في التواضع والحب ، هكذا تفرح النفس وتشعر بالسلام العميق ،فاذا احببنا اعداءنا فلن يكون للكبرياء مكان بعد في نفوسنا ، لان حب المسيح لا يطلب السيطرة على احد اي كان .
يقول القديس يوحنا السلمي : التوبة تنهض والنوح يقرع باب السماء ولكن التواضع يفتح باب السماء.( 15) .
ألا اعطاكم الله نعمة التواضع ( تواضع المسيح) لتفتحوا باب السماء وترون كل المجد السماوي الذي يسكن المسيح هو فيه فتسمعون صوته العذب فتحيون بالفرح الالهي الى الابد .آمين .