باسم الآب والابن والروح القدس .آمين
لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص العالم
ايها الاحباء دعوني انا واياكم نتأمل وتكتشف ماذا يقول لنا الرب يسوع من خلال الرسول بولس في رسالته التي سمعناها منذ قليل. والتي تقول :”انتم هيكل الله الحي” وان الله سيسكن في البشر ويكون الله أبا للبشرية ونحن ابناءه وايضا يدعو بولس الرسول الى نبذ كل ما هو دنس ويحثنا على العيش بالقداسة .
ايها الاحباء عندما تأملت في هذه الاية:”انتم هيكل الله الحي” تساءلت للوهلى الاولى من هو المعني بكلمة ” حي” الله أم الهيكل؟ . قد يكون الكلام يعني اننا هيكل حي لله ،اي اننا نحن هياكل بشرية حية ولسنا هياكل حجرية، ولكن اذا عندنا الى النص الاصلي باللغة اليونانية نجد ان بولس الرسول هنا يتكلم عن الله الحي الذي يأخذ مسكنا فينا ونصير نحن هيكلا له.
اي ان الله هو حي يتحرك داخلنا فيحيينا. اذا الله ليس نظرية وليس فكرة مجردة نطمئن اليها ،الله شخص حي غيور يدخل الينا يأتي الينا ليغيرنا.
منذ البدء حاول الانسان ان يحدد ويكتشف مكان يلتقي فيه الله، ليقدم فيه الذبائح والعبادة له ،ففي العهد القديم كان لوحا العهد اي الوصايا يمثلان خضرة الله وارادته،ولما كان شعب الله العبراني ينتقل من مكان الى اخر يوضعا لوحا الوصايا في خيمة العهد واصبحت هذه الخمية بمثابة هيكل، وعندما استقر الشعب العبراني في مكان معين فبنوا الهكيل وضعوا فيه لوحي الوصايا وصاروا يقدمون الذبائح والعبادة لله في الهيكل الحجري .
اما في العهد الجديد لقد اعلن الرب للسامرية ان العبادة الجديدة لا تتم لا في جبل السامرة ولا في هيكل اورشليم وانما بالروح والحق ،اي ان معبد هذه العبادة ،بكلام اخر ان هيكل الذي يجب تقدم فيه العبادة هو القلب. (قلب الانسان)
آباء الكنيسة اعتبروا دائما ان القلب هو المكان الفعلي للصلاة وعلى هذا المذبح اي القلب يجب ان تقدم العبادة بشكل مستمر . ويذكرنا القديس يوحنا الذهبي الفم انه يجب ان تكون الصلاة صادرة لا من الفم بل من القلب.
اذا الله يسكن في القلب في الهيكل الحي يسكن في داخل الانسان . هنا يظهر لنا المركز المهم الذي اصبح لنا في يسوع المسيح وهو اننا نحن في الله والله فينا واننا واياه شخصية واحدة فقط لا غير ، او بتعبير اخر اننا واياه مسيح واحد هو رأسه ونحن الاعضاء.
يعني ان الله والانسان لا يتصلان وحسب بل قد اتحدا ،لهذا العلاقة بين الله والانسان هي علاقة الكرمة والاغصان .
الحياة المسيحية يا احبائي او بالاحرى الارثوذكسية ،هي علاقة مع الله في شخص يسوع ، السعادة والخلاص في الحياة تعتمد على هذه العلاقة الشخصية مع يسوع وعلى اساس هذه العلاقة سوف يتقرر مصير خلاصنا.
هنا يؤكد القديس سمعان اللاهوتي الحديث بان الحياة المسيحية اعمق بكثير من الالتزام بالواجبات والحقوق ،لتكون الحياة المسيحية ذات معنى يجب ان يكون فيها الاختبار الشخصي لحضور وقوة المسيح الحي.
كمثل المرأة التي تعرف يقينا بوجود طفل بداخلها هكذا كل مسيحي ينبغي ان يعرف ويكون قادرا ان يختبر حضور الله الحي في داخله.
هذه هي المسيحية،الله في داخلنا في قلبنا في الهيكل الحي وليس في السماء، ياتي الله الينا ليخذنا اليه. لقد صار الاله انسانا ليصير الانسان الها،هذه هي المسيحية،فالله حركة ومحرك ،فاننا به نوجد ونحيا ونتحرك.
اذا في المسيحية الله يقيم علاقة شخصية مع كل واحد منا،ومن خلال مسيحيتنا نشعر بالله انه أبا لنا وان نحقق دعوتنا كابناء له.
الم يقول في رسالة بولس الذي قرأناها:” واكون أبا وتكونون انتم لي بنين وبنات ..”
اسمحوا لي اطلعكم او اعطيعكم مثلا على العلاقة الشخصية والجميمية بين يسوع والقديس سمعان اللاهوتي الحديث من خلال محادثته مع يسوع في احدى رؤياه:
” سأل القديس سمعان الرب : هل انت هو الهي ؟
أجاب الرب يسوع : انعم انا الله الذي صار انسانا من اجلك وحيث انك ابتغيتني وسعيت في طلبي بكل قلبك فمنذ الآن فصاعدا ستكون اخي وصديقي وشريكي في ميراث مجدي”.
هنا يا احبائي يبرز اكثر من سؤال واحد ماذا يترتب علينا ان نعمله لكي نكون مثل هذا القديس سمعان اللاهوتي الحديث.
بكل بساطة ان نكون قديسين هذا يوصي به الرسول بولس في رسالته اليوم اذ يقول لكنيسة في كورنثوس : بان لا يمسوا نجسا ويطهروا انفسهم من كل ادناس الجسد والروح ويكملوا حياتهم بالقداسة وخوف الله اي بالتوبة .
ايضا ألا يدعونا الرب يسوع بان نكون قديسين (كونوا قديسين لاني انا قدوس) ومكتوب ايضا اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب (عبرانيين 12: 14- 15) وقد انذر الرب يسوع تلاميذه كما تعرفون قائلا :اقول لكم انكم ان لم يزد بركم على الكتبة والفريسين لن تدخلوا ملكوت السماوات (متى 5: 20).
لهذا في القداس الالهي يقول الكاهن افشين باسم المؤمنين : نجثو ونتضرع اليك ايها الصالح ان … تنقي نفوسنا واجسادنا من كل دنس بشرة وروح … . لماذا ؟ لكي نكون مستحقين الملكوت السماوي.
الملكوت السماوي هو القلب الانسان ،مسكن الله، ولاجل هذا يقول ايضا الكاهن في افشين التسبيح المثلث التقديس :” قدس نفوسنا واجسادنا وهبنا ان نعبدك بالبر اي بالقداسة كل حياتنا .. لاجل ماذا ؟لانك قدوس انت يا الهنا .
اذ هناك دعوة موجهة لنا اليوم من خلال الرسالة التي سمعناها بان نكون اطهار بدون دنس عائشين بالتوبة وبالقداسة حتى نكون هيكل الله الحي ،وايضا حتى نكون كاملين تماما كما ان ابانا السماوي كاملا هو ،وكما هو ابانا قدوس فنحن قديسين.
ولهذا يقول بولس الرسول اذ لنا هذه المواعيد ان يسكن الله في قلبنا ، “فنتطهر انفسنا من كل ادناس الجسد والروح ونكمل بالقداسة بمخافة الله” (2 كورنثوس 7- 1 ) .
فافضل طريق واقصرها لنكون قديسين هي ان نأخذ الله صديقا لنا وندعوه أبا اي يا بابا .
ايضا القديس الذي هو الطاهر ،والطاهر لا يصير طاهرا بتجنب الزنى فقط بل ايضا بتجنب الطمع والحسد والمجد الباطل
اخيرا أهلنا ايها السيد لان نجسر بدالة وبلا دينونة على ان ندعوك أبا ايها الاله السماوي.
وعلى هذا الرجاء وعلى هذا الاستدعاء نحن اليوم نقيم تذكار انتقال فادي الى الاخدار السماوية حيث نرفع هذه القرابين الالهية لاجله، حيث هو الآن يستمتع بصديقه وحبيبه والهه يسوع المسيح ،اذ يعيش الحياة الابدية التي لا تنتهي حيث هناك لحن المعيدين والفرحين ، هو الان يتمم ما بدأه وتعلمه في حياته الارضية الاولى من لغة الملائكة اي الترتيل والانشاد اذ هو الان يكمله مع ملائكة السماءاذ يهتفون معا قدوس قدوس قدوس انت يا الهنا الذي لا يموت . آمين