الاحد السابع من لوقا
النص الانجيلي :
لوقا (8: 41-55)
“في ذلك الزمان دنا إلى يسوع إنسان اسمه يايرس وهو رئيس للمجمع وخرَّ عند قدمي يسوع وطلب إليه أن يدخل إلى بيته* لان له ابنةً وحيدة لها نحو اثنتي عشرة سنة قد أشرفت على الموت .وبينما هو منطلق كان الجموع يزحمونه* وان امرأة بها نزف دم منذ اثنتي عشرة سنة وكانت قد أنفقت معيشتها كلها على الأطباء ولم يستطع أحد أن يشفيها* دنت من خلفه ومست هدب ثوبه وللوقت وقف نزف دمها* فقال يسوع من لمسني. وإذ أنكر جميعهم قال بطرس والذين معه يا معلم إن الجموع يضايقونك ويزحمونك وتقول من لمسني* فقال يسوع انه قد لمسني واحد. لأني علمت أن قوة قد خرجت مني فلما رأت المرأة أنها لم تخْفَ جاءت مرتعدةً وخرّت له و أخبرت أمام كل الشعب لأية علة لمسته وكيف برئت للوقت* فقال لها ثقي يا ابنة إيمانك أبرأك فاذهبي بسلام* وفيما هو يتكلم جاء واحد من ذوي رئيس المجمع وقال له إن ابنتك قد ماتت فلا تُتعب المعلم* فسمع يسوع فأجابه قائلاً لا تخف. آمن فقط فتبرأ هي* ولما دخل البيت لم يدع أحداً يدخل إلا بطرس ويعقوب ويوحنا وأبا الصبية وأمها* وكان الجميع يبكون ويلطمون عليها. فقال لهم لا تبكوا. إنها لم تمت ولكنها نائمة* فضحكوا عليه لعلمهم بأنها قد ماتت* فأمسك بيدها ونادى قائلاً يا صبية قومي* فرجعت روحها وقامت في الحال فأمر أن تُعطى لتأكل. فدهش أبواها فأوصاهما أن لا يقولا لأحد ما جرى. “
العظة
موت الموت
باسم الاب والابن والروح القدس.آمين
الاستنارة والحياة الابدية
ايها الاحباء: ماهو الموت. لماذا وجد الموت؟ما هو الموت في المفهوم المسيحي ؟هل انتهي عندما اموت؟ هل هناك حياة بعد الموت؟ هل يموت الموت؟.
كلها اسئلة يسألها كل انسان على هذه الارض
“لست اعرف يوم وفاتي” عبارة قالها اسحق لابنه يعقوب في العهد القديم بالكتاب المقدس. وهي حقيقة بالطبع. البعض يعتقد ان الموت بعيد عنه تماما ،ربما لحداثته في العمر او لتمتعه بالصحة الجيدة او لتملكه لاموال كثيرة.
من المؤكد ان الانسان لا يعلم متى يموت فقد يكون في كامل صحته وشبابه ويموت فجأة، وقد يسمح الله برحيل انسان مبارك في عمر صغير.ليريحه من اتعاب الدنيا وامراضها وشرورها. يقول الكتاب المقدس “من وجه الشر يضم الصديق”( اشعياء 57 – 1) .
ونظرا لان الانسان لا يعلم متى سيرحل من هذه الارض المتعبة ،فيجب عليه ان يستعد للرحيل للحياة الاخرى مدعما بالاعمال الصالحة .
لذا يجب الاستفادة من كل لحظة من لحظات عمرنا في ان نزيد رصيدنا من اعمال الخير لان اعمالنا هي ستحدد لنا مصيرنا الابدي.
لذلك الموت والتفكير به عند الانسان هو اقسى واصعب من الموت ذاته ،لان الانسان يرغب بالخلود والحياة على هذه الارض وحتى بعد الموت .الانسان يحب الخلود يحب ان لا يموت .
من هنا سؤال يطرح هل هناك حياة اخرى بعد هذه الحياة اي بعد الموت؟
الكتاب المقدس ويسوع المسيح يكشف عن حياة جديدة بعد الموت اي بعد الرقاد.
المسيحي المؤمن يؤمن ان السيد المسيح اعطى مفهوما جديدا عن الموت وعن الحياة بعد الموت.
فلم يبق الخلود رغبة الانسان فقط بل هي اساسا ورغبة ومشيئة الله ايضا.
الله لا يتسمَر او لا يتوقف عند الموت ،لم يكتف يسوع بان اقام الموتى بل اراد واعطى الحياة لكل من يؤمن به ( من امان بي وان مات فسيحيا).
لذا نحن المسيحيين ننظر الى الموت برجاء فهو ليس نهاية . من بعد الان لا يصبح الانسان المسيحي المؤمن رهينة الموت،لان بقيامة يسوع كشف عن ابديته التي لا ترتهن للموت ،ارتهنت حبا للبشر فليس اكثر من ثلاثة ايام .
ان يسوع اي الله يحب الانسان ولانه وحبه ابديان يحقق الابدية والحياة الابدية لمن احبه. لان يسوع هو مصدر الحياة ،هذا هو معنى قيامة المسيح وهكذا تخص هذه القيامة “من امن به”
لذلك الله يسوع المسيح هو مصدر الحياة الابدية واكبر دليل على صحة هذا القول ، هو ما قرأناه الان في النص الانجيلي لوقا ،اذ يقول السيد المسيح : تنحوا فان الصبية لم تمت لكنها نائمة وكأنه يشجع تلاميذه ويشجعنا ايضا على قبول الموت بلا انزعاج كمن يدخل الى النوم ليستريح.
حقا عندما جاء المسيح صار الموت نوما رقادا .
فان كنت تحب الراحل يلزمك ان تفرح وتسر انه قد خلص من الموت الحاضر كما يقول احد القديسين .
نعود الى يايرس وابنته ،اتته الاخبار ان ابنته قد ماتت وهو كان يطلب من المسيح ان يأت معه الى بيته ويشفي ابنته ،لكن فالابنة قد ماتت تماما. لهذا قالوا لابوها لا تتعب المعلم .
احبائي هل تتخيلوا الاحباط واليأس والخوف الذي شعر به يايرس ابيها في تلك اللحظة ، فخطر في باله تساؤلات عديدة هل لن ار ابنتي بعد الان ؟هل ابنتي مات حقا . لماذا لم يأت المعلم معي بسرعة ؟ لماذا وقف ليتكلم مع تلك المراة هي شفيت وابنتي قد ماتت.؟
ولكن يا لحنان يسوع الذي اشفق على يايرس من كل هذه التساؤلات .
سمع يسوع بالخبر ان الفتاة ماتت فالتفت الرب يسوع الى يايرس في نفس اللحظة ليقول له لا تخف يا يايرس لا تخف ، نعم لا تخف انا معك، آمن فقط .
ولكن كيف؟ هل ممكن للموت ان يتغير ؟هل بالفعل يوجد رجاء ؟.
نعم يا احبائي بهذه الكلمات لا تخافوا انا معكم، يوجهها لكم اليوم الرب يسوع نفسه لا تخافوا انامعكم .قد تكونوا في الم وشدة وضيق واحباط . ولكن يوجد رجاء ما دام يسوع حي بايمانكم يوجد رجاء وحتى لو ماتت ابنة يايرس .نعم يوجد رجاء لان يسوع رئيس الحياة (اعمال الرسل 3:15) هو معنا.
فهو حوَل الموت الى حياة،حوَل اليأس والاحباط الى قوة وفرح وانتصار ، يسوع يا احبائي ليس فقط هو الشافي انه المحيي ،انه رب الحياة انه الحياة .هو قال “انا حي فانتم ستحيون ” (يوحنا 14- 19) .
حياتكم مرتبطة بحياته كما ارتبطت حياة ابنة يايرس به ، فنادها قائلا يا صبية قومي فاعطها الحياة والقيامة فرجعت روحها.
اذا نحن قوم نؤمن ان الموت هو انتقال وبداية لحياة ابدية سعيدة ومجيدة ،وليس نهاية وهلاك .
نحن قوم نؤمن اننا انتقلنا جميعا من الموت الى الحياة .لذلك فمشاعرنا تجاه الموت فينبغي ان تكون مشاعرنا الاستعداد ولا الخوف.
اخيرا ان حياتنا الحاضرة ليست هي تدريبا على الحياة الابدية فقط بل هي انطلاقة ،هي مسيرة نحو الحياة الابدية التي بدأناها اخذنها يوم المعودية المقدسة يوم الولادة الجديدة ،هذه الولادة تستمر طوال حياتنا ،لان حياتنا الجديدة هي استمرار لحياة الله نفسه.
وبالتالي نحن لا نموت لاننا اخذنا حياتنا من رب الحياة ،وبالتالي الموت هو عبور الى الحياة الابدية.
فسيروا في هذه الحياة ما دام لكم النور واستنيروا كما استنار يايرس الذي تفسيره المستنير اذ استنار بيسوع المسيح . آمين .