الايمان نور و النور ايمان
الأحد الخامس من الفصح ( أحد الأعمى)
النص الانجيلي:
(يوحنا 1 : 9 – 38)
في ذلك الزمان فيما يسوع مجتازٌ رأى إنسانا أعمى منذ مولده* فسأله تلاميذه قائلين يا رب من اخطأ أهذا أم أبواه حتى ولد أعمى* أجاب يسوع لا هذا اخطأ ولا أبواه . لكن لتظهر أعمال الله فيه* ينبغي لي أن اعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهارٌ. يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحد أن يعمل* ما دمت في العالم فأنا نور العالم* قال هذا وتفل على الأرض وصنع من تفلته طيناً وطلى بالطين عيني الأعمى* وقال له اذهب واغتسل في بركة سلوام ( الذي تفسيره المرسَل). فمضى واغتسل وعاد بصيراً* فالجيران والذين كانوا يرونه من قبل انه أعمى قالوا أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي. فقال بعضهم هذا هو* وآخرون قالوا انه يشبهه. وأما هو فكان يقول إني أنا هو* فقالوا له كيف انفتحت عيناك* أجاب ذاك وقال إنسان يُقال له يسوع صنع طيناً وطلى عينيَّ وقال لي اذهب إلى بركة سلوام واغتسل. فمضيت واغتسلت فأبصرت* فقالوا له أين ذاك. فقال لا اعلم* فأتوا به أي بالذي كان قبلاً أعمى إلى الفريسيين*وكان حين صنع يسوع الطين وفتح عينيه يوم سبت*فسأله الفريسيون كيف أبصر. فقال لهم جعل على عينيَّ طيناً ثم اغتسلت فأنا الآن ابصر* فقال قوم من الفريسيين هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت. آخرون قالوا كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات.فوقع بينهم شقاق* فقالوا أيضاً للأعمى ماذا تقول أنت عنه من حيث انه فتح عينيك. فقال إنه نبي* ولم يصدق اليهود عنه انه كان أعمى فأبصر حتى دعوا أبوي الذي ابصر* وسألوهما قائلين أهذا هو ابنكما الذي تقولان انه ولد أعمى. فكيف ابصر الآن* أجابهم أبواه وقالا نحن نعلم أن هذا ولدنا وانه ولد أعمى* وأما كيف ابصر الآن فلا نعلم أو من فتح عينيه فنحن لا نعلم. هو كامل السن فاسألوه فهو يتكلم عن نفسه* قال أبواه هذا لأنهما كانا يخافان من اليهود لان اليهود كانوا قد تعاهدوا انه إن اعترف واحد بأنه المسيح يخرج من المجمع* فلذلك قال أبواه هو كامل السن فاسألوه* فدعوا ثانية الإنسان الذي كان أعمى وقالوا له أعط مجداً لله. فإنا نعلم أن هذا الإنسان خاطئ* فأجاب ذاك وقال: أخاطئ هو لا أعلم. إنما اعلم شيئاً واحداً أني كنت أعمى والآن أنا ابصر* فقالوا له أيضا ماذا صنع بك. كيف فتح عينيك* أجابهم قد أخبرتكم فلم تسمعوا. فماذا تريدون أن تسمعوا أيضا.ألعلكم انتم أيضا تريدون أن تصيروا له تلاميذ* فشتموه وقالوا له أنت تلميذ ذاك. فأما نحن فإنَّا تلاميذ موسى* ونحن نعلم أن الله كلم موسى. فأما هذا فلا نعلم من أين هو* أجاب الرجل وقال لهم إن في هذا عجباً أنكم ما تعلمون من أين هو وقد فتح عينيَّ* ونحن نعلم أن الله لا يسمع للخطأة. ولكن إذا أحد اتقى الله وعمل مشيئته فله يستجيب* منذ الدهر لم يُسمع أن أحداً فتح عيني مولود أعمى* فلو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئاً* أجابوه وقالوا له إنك في الخطايا قد ولدت بجملتك.أفأنت تعلمنا. فأخرجوه خارجاً* وسمع يسوع انهم أخرجوه خارجاً. فوجده وقال له أتؤمن أنت بان الله* فأجاب ذاك وقال فمن هو يا سيد لأؤمن به* فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو* فقال له آمنت يارب وسجد له.
العظة:
المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت وهب الحياة للذين في القبور
أتؤمن أنت بابن الله ؟ قال : آمنت يا سيدي .. وسجد ليسوع
أيها الأحبة: إن فترة تعييدنا للفصح كاد أن ينتهي، إذ يوم الأربعاء القادم علينا سوف نودع الفصح والخميس المقبل هو خميس الصعود الإلهي . ففي هذا الأحد الأخير من الفترة الفصحية قرأت علينا الكنيسة المقدسة هذا الفصل الكبير المتعلق بإنسان ولد أعمى .
وقد سمعتم هذه الحادثة، إذ الإنجيل يتحدث عن النور هذا الذي رآه أعمى، هذا الذي ولد أعمى، وتدور مناقشة طويلة بين السيد والفريسين كيف يقدر يسوع أن يشفي ؟ كيف يؤمن هذا الأعمى انه شفي ؟ أذكركم بان اليهود أصروا أن لا يعترفوا بيسوع الناصري مسيحا ومخلصا في شعبه فقد صمموا على إخراج أي يهودي من المجمع من الأمة اليهودية إذا اعتراف بيسوع المسيح .
لذا قاموا السيد المسيح بشدة وتآمروا عليه لأنه يعطي نورا للعميان والحياة للمائتين والإيمان للجهالة، لعلنا نحن أيضا نقاوم المسيح لأننا لا نريد أن نبصر النور لا نريد أن نكون أبناء النور في سلوكنا في حياتنا .
لذا أيها الأحبة: الأعمى فعل كل ما أمر به المسيح وحالا أصبحت هذه الأعجوبة حديث الناس، إذ اخذ الناس يسألون الأعمى كيف أبصرت فاخذ الأعمى يروي لهم ببساطة كلية، وهكذا تحولت الأنظار إلى المسيح وتحولت قلوب الفريسيين لعمل شيء ضد يسوع .
أيها الأحبة : هذا الأعمى تركه الجميع لكنه لم يترك المسيح بل أكد أيمانه به " آمنت يارب"طردوه صار وحيدا بينهم، لكنه واحد مع المسيح، صار قويا بالمسيح ، لذا واجههم بقوة اذ قال : فلولا أن هذا النبي أي (يسوع) هو من الله لم يقدر أن يفعل شيئا .
يا ترى: هل نتمسك بالمسيح إذا تصدى لنا المجتمع ومغريات العالم أو شيء آخر ؟ هل نتعلق به إذا ما واجهنا تحدّيا يطرحنا خارج مجتمعنا ؟ هل نعترف به مقرين: " آمنت يارب فأعن عدم إيماني " .
أيها الأحبة: مما يلفت النظر في هذا النص بان يسوع لحق بالأعمى لما عرف انه طرد من المجمع فسأله أتؤمن أنت بابن الله فأجابه من هو حتى أؤمن فأجابه يسوع ببساطة وبتواضع بنفس الجواب الذي أجاب بها السامرية إذ قال: " قد رايته يتكلم معك هو " فخر الأعمى وسجد له وقال أنا أؤمن يارب .
حقا كان هذا الرجل الأعمى رجلا شجاعا له صفات البطولة والصمود في قول الحق إذ لم يخاف من أي شيء حتى من الموت وظل إلى النهاية مقتنعا بان يسوع هو الذي شفاه، هو ابن الله .
هذا الإنجيل الذي قرأناه يدعونا ان نكون مستنرين بنور المسيح، قد يكون الإنسان مسيحيا ومع ذلك يبقى أعمى، ليس لان ديانته مظلمة، لأنه هو لم يبق على ديانته متعلق بالمسيح لذلك يدخل في عالم الظلمة والخطيئة، أكون مسيحيا عندما " أرى " البشر والإحداث وحياتي بـ " عين " يسوع المسيح .
لذلك المسيح هو " نور العالم " ( يوحنا:8 -12) . هو "خبز الحياة" (يوحنا: 6: 35) وهو "ماء الحياة " ( يوحنا 4- 10 ) 0 المسيح ينير كل إنسان لأنه ملء الحقيقة والنعمة . فالنور والمحبة هما في المسيح، فمن كان في المسيح، كان في النور والمحبة .
أخيرا أيها الأحبة: يسوع يدعونا إلى أن نختار أن نقول " أؤمن " ونقبل النور .
لذلك إذ أردنا أن نؤمن علينا نفتح عيوننا وقلوبنا حتى نرى الطريق الصحيح لكي نقف عليه حتى يمر منه المسيح ويأخذنا بيده ويجبلنا من جديد بكلمته الإلهية المحيية، وبتناولنا جسده ودمه الكريمين باستمرار لكي نكون مستحقين أن ينسكب علينا نعمة ومواهب الروح القدس في يوم العنصرة، آمين .