باسم الاب والابن والروح القدس. آمين
طوبى للمرأة المستنيرة بحب يسوع الصانعة من الانجيل سيرة لحياتها ومن قلبها مسكنا له .
ايها الاحباء: دعوني ان أتأمل واياكم بعيد الام الذي يصادف غدا، من الانجيل المقدس ونظرة يسوع المسيح للمرأة.
ايها الاحباء: يعطي الانجيل المقدس المرأة مركزا عظيما ودورا كبيرا في الرسالة الجديدة التي اشرقت على العالم مع مجيء الرب يسوع.
فكان يسوع اول من دافع عن حقوق المرأة يوم كانت المرأة تباع وتشترى مثل اي سلعة، استطاع يسوع تجاوز القواعد التي تقيَد المرأة وكان له من النساء موقف الانفتاح والاحترام والترحيب والحنان.
لهذا رفع قيمتها الى اعلى المستويات وتجسد هذا الشيء في مريم العذراء التي سماها الملكة القائمة على يمين الملك.
نستطيع ان نقول ان المرأة في المسيحية اكثر منها في اي دين اخر قد حظيت منذ البدء بوضع خاص من حيث الكرامة، فكان يسوع نصَب نفسه مدافعا عن كرامة المرأة.
وكان هذا الموقف احيانا يثير الاستغراب والدهشة وكثيرا ما كان يثير الشكوك : يقول الانجيل" فتعجبوا اذا رأوه يتكلم مع امراة "(يوحنا 4: 7) حتى تلاميذه انفسهم كانوا يعجبون لان هذا التصرف كان يتنافى مع العادات التي كانت جارية.
وحين دخلت المرأة الخاطئة الى بيت الفريسي لتسكب الطيوب على قدمي يسوع قال الفريسي في نفسه لوكان هذا الرجل نبيا لعلم من هي المرأة التي تلمسه وما حالها انها خاطئة.(لوقا 7: 39) .فالجواب المسيح كان :" ان العشارين والزواني يسبقوكم الى ملكوت الله"( متى 21: 31) . فقد اثار الذهول والسخط لدى سامعيه.
من يقرأ الانجيل يستكشف عددا كبيرا من النساء في اوضاع مختلفة بالمرض وبالالام الجسدية،مثلا المرأة التي استولى عليها المرض 18 سنة وحماة بطرس التي كانت ملقاة على الفراش وامرأة اخرى مصابه بنزيف ،لقد شفين جميعا .وهناك ابنة يائير وارملة نائين والمرأة الكنعانية ،لقد شفين جميعا
وكانت النساء اللواتي يقابلن يسوع وينعم عليهن بنعم غزيرة ويرافقنه في رحلاته حيث كان يبشر بانجيل ملكوت السماوات وكن يبذلن من اموالهن في خدمته.
وايضا كان يسوع يدرج شخصيات نسائية في الامثال التي كان يوضح فيها لسامعيه حقيقة ملكوت الله ،نذكر منها امثال الدرهم الضائع والخميرة والعذارى الحكيمات والجاهلات، وفلس الارملة حيث قدم يسوع هذه المراة للجميع وتولى الدفاع عنها لان الارامل لم يكن لها من يدافع عنها.
ولا نجد في تعليم يسوع كله وفي تصرفاتهاي شيء يعكس التفرقة في عصره بين المرأة والرجل ،بل بالعكس كانت اعماله واقواله تنم دائما من الاحترام والتكريم في تعامله مع المرأة.نذكر حادثة المراة الزانية فأجاب يسوع من كان منكم بلاخطيئة فليتقدم ويرجمها بحجر.
وايضا نذكر مثل المراة السامرية التي لاقاها يسوع وعلم بانها خاطئة وقد فاتحها في امر خطيئتها ، تحدث معها عن اعمق اسرار الله وعن عطية الحب الالهي غير المتناهي.انه لحدث عظيم لم يسبق له مثل هذه المرأة بالرغم من انها خاطئة اصبحت تلميذة للمسيح.
قد اظهر يسوع تقديره واعجابه بايمان هؤلاء النساء عندما كان يتحدث معهن عن امور تتعلق بالله ،كما فعل في لقائه مع المرأة الكنعانية (متى 15: 28) .
فان يسوع ينطلق من انفتاح الذهن والقلب لدى المرأة ليعطينا درسا في الايمان كما فعل مع المرأة الخاطئة في بيت الفريسي حيث اخذ المسيح يفسر للموجودين معنى مغفرة الخطايا: ان خطاياها الكثيرة غفرت لها لانها احبت كثيرا ومن يغفر له قليل يحب قليلا.
ايضا الانجيل المقدس يبرز كيف ان النساء كن اول من وجدوا على اقدام الصليب ايام المحنة الاخيرة ،ولم يبق على الوفاء له بين الرسل سوى يوحنا ، قد بقي على الوفاء عدد كبير من النساء غير مريم العذراء.
ايضا كانت النساء ليس فقط في وقت الصلب بل وفي فجر القيامة ، ان النساء هنَ اول من حضر الى القبر واول من وجده فارغا ،واول من سمع صوت الملاك يقول :" انه ليس ههنا لقد قام كما سبق فقال " واول من دعي لتبشير بحقيقة قيامة المسيح.
كل ما ذكرناه يؤكد على اهمية وكرامة المرأة في المسيحية ، واكبر مثال مثالي للمرأة المسيحية يبلغ ذروته في مريم العذراء والدة الاله .
ان الله قد افتتح عهد جديد مع البشرية في شخص مريم وعبر قبولها الامومة " ليكن لي بحسب قولك " .
وهذا هو العهد الخلاصي الذي عقده الله مع البشرية في المسيح الذي بدأ بالام اذا استطاع يسوع ان يقول لله الآب :" لقد اعطيتني جسدا وهانئذا آت اصنع مشيئتك"( عبرانيين 10: 5- 7 ) . ولذلك بفضل والدة الاله وبفضل قرارها الصادر عنها والذي رضيت به ان تكون اما وعذراء معا "ليكن لي بحسب قولك"
ولذلك كل أم من امهات هي تكون على علاقة بالعهد الذي قطعه الله مع البشر بفضل والدة الاله ،ولكن امومة المرأة ليست هي فقط امومة جسدية في مفهوم الانجيل المقدس ، بل هي الامومة التي تحقق عبر الاصغاء العميق لكلمة الله والاستعداد للعمل بها ،كما قال يسوع طوبى لمن يسمعون كلمة الله ويحفظونها. ، هذا هو الرد الذي رد به يسوع على هتاف تلك المرأة التي كانت تغبط المراة التي ولدته.
اذا الامومة الحقيقية هي كل انسان يسمع كلمة الله ويصغي اليها ويعمل بها ويحفظها ، هو يكون صاحب امومة روحية بهذه الامومة الروحية نحن نصير ابناء لله.
لهذا نحن اليوم نصلي لجميع امهات هذه الرعية ونصلي لكل انسان يتمتع بامومة الجسدية وامومة الروحية ،ايضا نصلي لنشكر الله على (سر المرأة) وعلى ما تحمل الام من معنى. ألم يتم فيها وعبرها اعظم حدث في تاريخ البشرية أي وهوان يصبح الله نفسه جسدا.
لاجل هذا اتوجه الى مريم العذراء والدة الاله الكلية القداسة التي سبقتنا في الايمان والمحبة والاتحاد مع يسوع المسيح ان تتشفع لنا جميعا ولا سيما امهات هذه الرعية المحروسة بقوة الصليب المحيي والى كل شخص يتمتع بالامومة الروحية ان تمنح وتنال من لدن الله البركات والنعم وان نسمع من الرب يقول لنا طوبى لامهاتكم الذين حملناكم.