· اسبيرو جبّور
كنائس الشرق الأوسط(6)
الذكرى 1550 لمجمع خلقيدونيا
الطبعة المجدّدة والمنقّحة
الكورة (لبنان 2010)
…
28- العصور اللاحقة
أهل السواحل هاجروا بكثافة إلى بيزنطيا فأسكن معاوية مكانهم يهوداً وفرساً. الدليل اللبناني يذكر خلوّ طرابلس من السكان. في القرن العاشر جرت هجرة أرثوذكسيّة إلى السواحل وتقسيم جديد للأبرشيّات (رستم). الأمبراطور نيكيفورس فوكاس اتّفق مع اليعاقبة على الإنتقال إلى المناطق الخصبة في ديار بكر وماردين والرّها (أورفة) وو… لتجنّب المشاحنات مع الأرثوذكس. في العام 570 كان عدد أبرشيّات الكرسي الأنطاكي كبيراً وكان عدد الأساقفة الأرثوذكس في العام 1143، 171 مطراناً وأسقفاً[1]. وتداولت الأيدي بلاد الكرسي الأنطاكي فساءت الأحوال جداً حتى جاء العهد العثماني، فطمس فيها العلم والحضارة والإنسان أربعة قرون ستليها قرون من التخلّف. الضرر الفاحش هو العاهات النفسية والخُلُقيّة والتربوية. كلما انتهر أب أو أم ابنه أو ابنته قلتُ له: “ماذا يا ضابط تركي؟”
فضلاً عن هجرات عديدة كان القرنان التاسع عشر والعشرون أسوأ القرون فغادر البلاد إلى المهاجر أعداد فاحشة من المسيحيّين. في العام 1890 كان في كيليكيا 225 ألف أرمني من أصل 400 ألف نسمة. سلّمت فرنسا وبريطانيا اللواء إلى تركيا. وكذلك ديار بكر وماردين ثم في العام 1939 لواء الإسكندرون: تشتّت الأرمن والأرثوذكس والسريان وسواهم في أصقاع الدنيا الواسعة. هذا فضلاً عمّن لجأ من أرمن تركيا من المذابح فهاجر، وفضلاً عمن هاجر من تركيا من الأروام بعد مذابح أتاتورك. في أواسط الثمانينات[2] قال لي مسؤول إن إحصائيّات وزارة الخارجية السورية تشير إلى وجود 12 مليون أرثوذكسي من بلاد الشام في المهاجر. الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي قال إن في البرازيل عشرة ملايين لبناني. في 8/5/1957 المؤرّخ البريطاني المشهور تونبي سمّى نجاح الحمصيين الإقتصادي في البرازيل “الأمبراطورية الإقتصاديّة الحمصيّة في البرازيل”.
الموارنة انسحبوا شيئاً فشيئاً من سوريا إلى لبنان، ثم هاجر حديثاً من هاجر. السريان أنواع. العرب منهم أسلموا بنسبة فاحشة وتوزّعوا بين المذاهب الإسلاميّة. وقلّ عددهم جداً في سوريا الحالية حتى جاءهم السيل من ديار بكر وماردين بعد تسليم بلادهم إلى الأتراك. ويقولون إن الأتراك أبادوا منهم في الحرب العالميّة الأولى 100 ألفاً. الأب اسحق أرملة وصف تلك المذابح المريعة وصفاً دقيقاً. إلاّ أنّ العنصر العربي كان ضدّها.
المراجـــــع
1- دراستي.
2- جورج حدّاد، فتح العرب للشام، ط. 2.
3- رستم.
4- باباذوبولوس، تاريخ كنيسة أنطاكية.
5- فاسيلييف، تاريخ بيزنطيا.
6- سلوى، بالحاج صالح – العايب، المسيحيّة العربية وتطوّراتها.
7- نبيل فيّاض، نصان يهوديّان.
8- فيليب حتّي.
9- عبد الستّار الشيخ، عمر ابن عبد العزيز، دار القلم، 1996.
10- كامل شحاده، عمر ابن عبد العزيز، مديريّة الآثار في دمشق، 1987.
11- المؤلّف، سمعان العمودي.
12- Journal asiatique, 1915, p. 252-53 et 263 : نشر فيه الأب Nau وثيقة هامة عن اللقاء الذي تمّ بين البطريرك اليعقوبي حنا وعمر ابن الخطّاب.
وسوى ذلك عديد.
29– منصور بن سرجون العتيق
جلاء شخصيّته ضرورة تاريخيّة. على ضوء التاريخ المعاصر نفهم جيداً تصرّفات جدّ يوحنا الدمشقي. روى لي رئيس شعبة البريد في القصر الملكي في دمشق أنه سمع فخري البارودي (الأمين العام للقصر لدى الملك فيصل) وشكري شاتيلا (أحد المستشارين) يقول أحدهما للآخر: “شو بدّنا من ها الأبو الصرماية الحمرا. دعنا نذهب إلى بيروت ونتفاهم مع الفرنسيّين”. وأيضاً: “لم تصل برقية الحكومة إلى الجنرال غورو لأنّ المدير العام للبريد حسن الحكيم لم يرسلها. فخلعته الحكومة، فأعادته فرنسا.” وأيضاً وأيضاً: “لمّا انفرط سلك الحكم الفيصلي، لم أستطع إيجاد سيارة تنقل فيصل إلى القطار، فشهرت البارودة في ظهر سائق ليوصلنا. ولم يكن في وداعه سوى البطريرك غريغوريوس حدّاد وأحد آل العظم. وأرسل عبد الرحمن اليوسف ثمانية خراف مسلوخة وثماني تنكات سمن وثمانية أكياس رز. ثم اغتيل لأنّه جاسوس فرنسي. وأرسل المؤن استدراكاً لعودة فيصل الممكنة. وروى لي يوسف الحكيم وزير العدليّة: كانت الوزارة مناصفة نصفها إنكليزي ونصفها فرنسي. سافر فيصل إلى لندن فأحاله رئيس وزارئها إلى كليمانصو الفرنسي ليتّفق معه. اتفقا. عاد. روى لنا ما جرى, قال الوزراء المتأنكلزون: إذاً، نصير جميعاً فرنسيّين”. إلاّ أنّ بريطانيا وفرنسا خدعتاه وأسقطتاه.
شكري القوتلي اتفق مع الجنرال ديغول على استقلال سوريا. قاد الكتلة الوطنيّة إلى الحكم برئاسته. كان له ماضٍ وطني مشرف. استغلّته الكتلة وصالت وجالت. تنابذوا، تكالبوا. عيّن شكري جميل مردم رئيس وزراء وهو لا يستسيغه. أفشلَ الكتلة في حلب وعرّضها للخطر. لم يخلعه. أفشلَ هو ووزير دفاعه العرب في حرب 1948. ارتمت الكتلة على شكري ليعدّل الدستور ويجدّد. جدّد في العام 1948 وأبقى مردم رئيساً للوزراء. هزّم الجيش مردم وأجرى في 30/3/1949 انقلاب حسني الزعيم. خرجت المظاهرات تشتم شكري على مسمعه في سيارة جيب. صار حسني رئيساً للجمهورية في 25/6/1949. هبّت الكتلة الوطنية من كل سوريا إلى تهنئته. روى لي الشاعر الكبير بدوي الجبل ما رواه عن بذاءة لسانه لدى الإستقبال. والمرويّات كثيرة. عزم أن يرسل صبري العسلي إلى العراق، فتمّ اغتيال حسني. وكان صبري أحد أركان شكري. ثم عاد شكري إلى الحكم. وسلّموا البلاد إلى الرئيس عبد الناصر وهم غير راضين (بالإكراه). وجاء عبد الناصر دمشق في 23/2/1958 فوقف شكري على الشرفة يهتف في الجماهير المحتشدة وهو غير راضٍ: “هذا جمالكم”. وقال لسعوديّين ما قال. ورحّب بالإنفصال، واجتمع بسعوديّين في سويسرا ليساعدوه على العودة إلى الحكم. ومن طرائف ذلك الزمان أغنية “أم كامل”: “أوها صارت الوحدة”. في الشهر التالي لها أي آذار 1958 عمّت دمشق بالعكس: “أوها طالت الوحدة”.
أما قصة الوحدة نفسها وضغوط رئيس المخابرات عبد الحميد السراج على السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة ثم تآمره على حياة الرئيس جمال لصالح السعوديّين، فقصة طويلة، وهناك وشاية أكرم الحوراني للرئيس السوفييتي خروتشوف وتفاعلاتها على الصعيد السوري، فأُقصي أكرم بسيف مواطنه عبد الحميد (الحمويان)، ثم سرِّح السراج: مرحلة وشايات لا مثيل لها، وتصفيات وانتقامات، مشحونة بالذكاء وإنما بذكاء الخبث والأذى. وزير مركزي طلّق زوجته لأنه ضبطها بالجرم المشهود تنشئ تقريراً لعبد الناصر ضدّ زوجها. فتاريخ الآراميّين والفينيقيّين تناحرات وترحيب بالفاتحين. ما من جديد تحت الشمس.
الخلاصة: البرجوازية السورية إنتهازيّة “مصلحجيّة” تنبطح أمام الفاتحين والمغتصبين غير مهتمّة إلا بمصالحها. وتتناحر وتتنابذ، فتسقط على ما نعلم من إمبراطوريّة الأمويّين الممتدة من الصين إلى بلاط الشهداء بفرنسا Poitiers، فتعيش 90 عاماً وتتناثر، فتعيش بلاد الشام البؤس بعدها حتى استقلال 1943. والتنابذ الذي ميّز هذه المرحلة امتداد للتنابذ المزمن منذ آلاف السنين.
ومما يدعم ذلك كله ما رواه لي ضابط عثماني (تركماني سوري) عن الحرب العالمية الأولى: كان 80% من جهاز وزارة الحرب العثمانية سوريّين دمشقيّين بمعظمهم. لما ظهرت دعوة الملك حسين ابن الشريف علي ارتاب العثمانيّون بهم. انزعج السوريون فبلبلوا العثمانيين، فتسبّبوا بسقوط الدولة العثمانيّة.
ويقف “الأوادم” في هذا المعترك مستكينين مستسلمين للقدر المجهول، بل غائبين عن الوجود غير مبالين، يصفّفون للصاعد وشامتين شاتمين للنازل. وتبقى بقيّة من الأوادم خميرة صالحة وسط زحمة الأحداث أو غيبوبة التاريخ.
من جهة أخرى لدينا نماذج من نوع آخر. العقيد والنائب فؤاد لحّود قال للبطريرك الطوباوي الياس معوّض أمامي: “فؤاد شهاب صاحب ضمير حيّ”. وكان فؤاد ألدّ أعدائه. حشد شهاب القوى لتعديل الدستور ليجدّد في العام 1964 ثم تخاذل. استمرّ أنصاره يحشدون القوى ولو بإساءات استعمال عديدة لرئاسة 1970. في نيسان 1968 أنذرته بأن إسرائيل تعدّ لحرب أهليّة لبنانية لتقسيمه. وكانت بيننا مودّة كبيرة. تنبَّه. وفي العام 1970 صار كل شيء جاهز، فقال له صبري حماده (غير المثقّف): رشّح نفسك تنجح، أما الياس سركيس فلن ينجح وسقط الياس سركيس، بينما كان من الممكن أن ينال شهاب 60-65 صوتاً. كان يتردّد كثيراً مثل معظم أصحاب الضمير الحيّ. تخاذل فترك صحبه يتفرّقون ويُهانون. في هذه الحساسيّة الوجدانيّة المفرطة المتردّدة أنانية وفردية. أمثاله مسؤولون عن أنصارهم. ولكن الأفق الضيّق… والغيرة على الأهل والصحب… والإهتمام بمصلحة الغير أولاً… بهذه الحساسية ننسى الصليب، ننسى الآخر. الروحانيّون المزيَّفون هم من هذه الفئة. لا يبالون بصحبهم. يتّخذون قرارات ويقفون مواقف تهدم صحبهم أحياناً وهم لا يشعرون بالذنب. يقولون: “ضميرنا أولاً”. وماذا تفعل بضمير غيرك؟ يتّهم غيره بانعدام الضمير بينما يكون هو المذنب. إنها الروحانية المزيّفة.
هذه النماذج خطر كبير على الرفاق. تغدر بهم لا شعورياً بدون انتباه. هذه الفئة ترهق المناضلين الشرفاء، فتثبّط عزائمهم، وتطعنهم من الظهر بدون وعي. لذلك ينجح الأشرار ويفشل المناضلون “الأوادم”، وينتزع المناصب الأردياء. فلا ينجح الشريف إلا بقدرة القدير وحده. يكثر المنافقون حول اهل السلطة والنفوذ فيحرمونهم من فُرص رؤية الحقيقة. وفي سرّهم يطعنونهم. ويصيرون أوّل الشامتين الناقمين حين الفشل أو بعد الوفاة. هم مثل أبي براقش يتلوّنون كما قال ثيئوذوريتوس أسقف قورش (457). هذا غيض من فيض ممّا يوضح تزلّف البورجوازيين لأهل السلطة. أكتفي بنموذج لم يحن بعد فضحه: كان بورجوازي كبير عدوّاً لأحدهم. وصل هذا إلى منصب، فارتمى البورجوازي عليه مقبّلاً ومهلّلاً. ليس منصور إلاّ من هذه النماذج، فارتمى على الفاتحين الفرس، فعاقبه هرقل.
ما الأسباب النفسيّة لعدم استقرارنا النفسي، فلا نحافظ على عهد أو ولاء أو ميثاق؟ عرفت من ينقضون العهود والعقود خلال اليوم نفسه أو في الغد. في علم النفس لفظة استعملها Bleuler وعالجها الفرووديون. هي “التضاد” ambivalence. عالجت أمرها في كتاب فرنسي مشترك L’ambivalence dans la culture arabe.
المحلّل النفسي الكبير أرنست دجونس عرّفها: “تواجد الحب والعداء في اللاشعور”. التضاد عميق جداً في طفولتنا. هو مسؤول عن أحوالنا العاطفية المتراوحة بين أقصى الحبّ وأقصى العداء في تناوب متواصل بين حالات لا تُحصى من التقلّب. فيصحّ قول رفيق الدراسة برنارد لانو (فرنسي أمّه لاذقانية) لي في العام 1959: “ولوه أنتم السوريين حيّرتم العالم. ما بتعرفوا شو بدّكم. وما بتتركوا أحد يعرف شو بدّكم”. ولذلك شكا الشيخ ناصيف اليازجي من فقدان الخلّ (الصديق) الوفيّ. التضاد لا يبقي احداً على الوداد الحميمي العميق الصادق.
30- ما هي الكنيسة في إيمان الكنائس القديمة؟
وصف دستور الإيمان الكنيسة بقوله: “وبالكنيسة الواحدة القدوسة الجامعة الرسولية”.
بولس الرسول قال إن الكنيسة هي جسد المسيح، والمسيح هو رأسها، والمؤمنون هم أعضاء هذا الجسد. والجسد واحد. يسكن فيه الروح القدس. والكنيسة قائمة على أساس الرسل وأنبياء العهد الجديد. ويسوع هو رأس الزاوية.
الذهبي الفم فسّر كلام الرب يسوع لبولس على مداخل دمشق، فقال: بولس كان يضطهد الكنيسة لا المسيح. يسوع قال له: “لماذا تضطهدني؟” استنتج الذهبي أن الكنيسة هي إذاً المسيح. أوغسطينوس على هذا أيضاً. آباء الكنيسة أخذوا هذا الكلام بمعناه الحقيقي لا بمعناه الرمزي أو الخيالي أو الوهمي.
الكنيسة هي المسيح. العنصرة أعادت إذاً المسيح إلينا لنصير نحن المسيح. التجسّد الإلهي لم ينقطع. هو مستمرّ في العنصرة. الروح القدس أدخل الناس في يوم العنصرة في يسوع، فصاروا أعضاء له. إن كان عدد المسيحيّين واحداً أو مليارات فيسوع واحد والكنيسة واحدة. هم واحد لأن الجسد غير مفصّل ليصبح كل فرد كنيسة وحده. هو كنيسة مع الآخرين المعيّة في الكنيسة هي الأساس. الفرديّة إثم. الآثرة إثم فاحش. لا تمزّق ولا تفرّق في الكنيسة. الكثرة فيها كثرة أعضاء الجسد الواحد، المسيح الواحد. كل عضو فيه هو عضو للآخرين. لسنا شركاء خارجيين. نحن متواجدون في يسوع وفي بعضنا بعضاً. يسوع موجود فينا أكثر من وجود النفس في الجسد. قدرة النفس محدودة لكي تتّحد بالجسد بالكمال المطلق. ستنفصل عنه بالموت. أما يسوع فكلّي القدرة. ولن ينفصل عن جسده الكنيسة أبداً. هذا الوجود في الكنيسة بالروح القدس لمجد الآب هو إيمان الكنيسة الأساسسي المدوَّن في العهد الجديد ودستور الإيمان وتعليم آباء الكنيسة العظام.
والكنيسة باقية ما بقي المسيح. والمسيح في الكنيسة. أعرف المسيح في الكنيسة لا خارجها. تتمّ معموديتي في الكنيسة لا خارجها. أنتمي إلى يسوع في الكنيسة لا خارجها. ارتباطي بالكنيسة هو ارتباطي بالمسيح. لا فرق بينهما. الروح القدس الساكن في رأس الكنيسة – كما يقول الذهبي – ينساب في الجسد كلّه من الرأس، ينساب في المؤمنين. إذاً: الروح القدس يحرّك الكنيسة.
بولس الرسول يقول صراحة إن الروح القدس هو الذي يعترف فيَّ بربوبيّة الرب يسوع، وأنه هو الذي ينادي فيَّ الآب: “أبا الآب”.
إذاً: ليست الكنيسة جمعية أو جماعة، أو مجموعة، أو نادياً، أو مؤسّسة، أو حزباً، أو فئة، أو كتلة. هي فقط “جسد المسيح”. لا تقبل التشريح ولا التفصيل ولا التمزيق. من يخرج يُقطع كالغصن ويطرح خارجاً، ويجفّ ويُلقَ في النار (يوحنا ومتى). الذي يفصل نفسه منها ينتحر روحياً، أما هي فتبقى إلى الأبد هي هي ولو تمثّلت في شخص واحد فقط. فيها مجاري الحياة الروحيّة.
هذا هو تعليم آباء كنائس الشرق الأوسط القديمة. فالتفرقة بينهم كانت عابرة لا أبديّة. ستزول بالعودة الصاروخية إلى الينابيع الآبائيّة.
في كتبي “الله في اللاهوت المسيحي” و“المواهب الإلهيّة”، و“معنا هو الله فانهزموا” ومقدّمتي لترجمة عدنان طرابلسي لتفسير الذهبي لإنجيل متّى نبذات آبائيّة رائعة.
31- الــلاتيـــن
لا يكتمل الكتاب بدون ذكر اللاتين. الكنيسة الكاثوليكيّة الغربيّة أخت شقيقة للأرثوذكسيّة حتى أدخل على روما الملك الجرماني هنري الثاني في العام 1022 عبارة “المنبثق من الآب والإبن”. روما رفضت ذلك في مجمع القسطنطينيّة (779 – 780) ورفضه البابا لاون الثالث (التاريخ الجديد 125:2 و128). كانت الكثلكة تضع رئاسة البابا في رأس قائمة أسباب الخلاف. ظهر العدد الأول (كانون 2 – شباط 1995) من المجلة الكاثوليكية الفرنسية “عالم الكتاب المقدس” فنوّهت في حاشية أن قضية انبثاق الروح القدس هي القضيّة الأولى في الخلاف في العام 1054.
بعد هذا تدخّلت التحاليل الفلسفيّة لا الصلاة، للقول:
1- علاقات الأقانيم الإلهيّة علاقات تضاد بين الأقانيم.
2- الإبن والروح القدس بارزان من جوهر الآب.
3- الأقانيم تميّزات ضمن الجوهر الإلهي الواحد.
الأرثوذكس يرفضون ذلك. الإبن والروح القدس بارزان من أقنوم الآب بموجب علاقة بنوّة وانبثاق بدون تضاد. وإلاّ كان الآب والداً ومولوداً ومنبثقاً، وكذلك الإبن والروح القدس. أين أقنوميّة الأقانيم؟ جوهر واحد للثلاثة. التميّزات فيه تُدخل عليه خصائص للآب وأخرى للإبن وثالثة للروح القدس. الأرثوذكس يقولون: الجوهر برمّته للآب وبرمّته للإبن وبرمّته للروح القدس دون تفريق. الأقنوم يملك الجوهر. الجوهر مملوك الأقنوم لا الأقنوم مملوك الجوهر (كتابنا “الله في اللاهوت المسيحي،
ص 81 و93 و105-106 على الأخصّ). يوحنّا الدمشقي قال ان الروح القدس لا ينبثق من الإبن. سبقه إلى ذلك في 433-434 ثيئوذوريتوس.
علاّمتنا لوسكي يعتبر تفسيرهم نصف سابلياني. يغالي.
4- القانون 28 من المجمع الرابع المسكوني وقانون جوستنيانوس لا يعطيان روما هذه الحقوق الوهمية. أورشليم عاصمة المسيح والمسيحية، بقيت حتى العام 451 أسقفية صغيرة تابعة لقيصريّة عاصمة فلسطين. أسقف قيصريّة رسم القديس كيرللس أسقفاً على أورشليم.
5- الحبل بلا دنس: حبلت حنّة بمريم العذراء بلا دنس أصلي. ليس في الكتاب المقدّس كلمة واحدة عن والدَي العذراء. من اين أتوا بهذا التعليم الذي رفضه علماؤهم ألبير الكبير وتوما الأكويني وبرنارد وسواهم؟
الموضوع يعني أن مريم ظهرت بموجب القضاء والقدر لا باختيارها الحر. إذاً: مشيئة إلهية واحدة. المجمع السادس علّم بالطبيعتين والفعلين والمشيتين (الإرادتين). هذا مخالف للمجمع السادس.
6- نور التجلّي مخلوق: حلّ ملء اللاهوت في الناسوت فقدّسه وألّهه. النعمة الإلهية غير مخلوقة. ولذلك تقدّسنا في المعموديّة وتؤلّهنا. نسطوريوس لم يطرق الموضوع. لو طرقه لقال إن النور الإلهي مخلوق. إذاً: كلام اللاتين فرع نسطوري في القرن الرابع عشر حاربه بالاماس وحده.
وهناك أمور عديدة. الخلافات بحاجة للحلّ على أيدي لاهوتيّين فحول روحانيين من الطرفين برحابة صدر كبرى بموافقة الشعب الناضج. فالشعب الأرثوذكسي هو الذي نصر مكسيموس ومرقس الأفسسي ضدّ الأباطرة والبطاركة والمطارنة المسيّسين.
رسائل بولس الرسول إلى رومية وكورنثوس وأفسس وكولوسي وتسالونيكي موجّهة إلى الشعب. فقط في رسالته إلى فيلبي يزيد على الشعب: “مع الأساقفة والشمامسة”. مجموعة التلاميذ اختارت متياس الرسول بديلاً ليهوذا الإسخريوطي.
الكردينال العلاّمة نيومن قال في الصراع الأريوسي إنه صراع أساقفة، بينما كان الشعب أرثوذكسياً. في الأرثوذكسيّة لا تصدر الأمور من فوق، بل من التحام القاعدة بالرأس. إن رفض الشعب أوامر الرئاسة رفضاً أرثوذكسياً سقطت أوامرها. الرئاسة تعبِّر عن إيمان الشعب المتوارث عبر الزمان والمكان بدقّة. اللفظة الروسية المستعملة لترجمة “كنيسة جامعة” اليونانية هي “سوبرناما”. لفظة سوبرنوست Sobernost الروسيّة “الجامعية” هامة. الكنيسة كلّ لا طبقة. الشعب والإكليروس واحد. متى انفرد المطران فصل نفسه عن الشعب. المجمع يدير شؤون الشعب ويقوده ويخدمه بتواضع. لا استقلال للمجمع عن الشعب.
في هذا الكتاب نرى أن العلمانيّين الموارنة شاركوا في العام 1736 في بروتوكولات الإنضمام إلى روما.
الأرثوذكس اعتمدوا في التاريخ على الشعب لا على المطارنة والبطاركة. أثبتنا في هذا الكتاب كيف كانوا يوقّعون للأباطرة الأرثوذكس والهراطقة على التوالي. أثناسيوس الإسكندريّة وإيلاريون بواتييه وحدهما لم يوقّعا لقسطنديوس (ابن قسطنطين) الأريوسي. وهكذا دواليك حتى إندراوس الدمشقي أشهر مَن كتب أناشيد التوبة وقَّع للأمبراطور المونوثيليتي. في جميع المراحل نرى صمود الشعب وخضوع أغلب الأساقفة للضغوط والإغراءات. لا باطنيّة ولا بابويّة في الأرثوذكسيّة، بل خضوع رجال الدين لإيمان الشعب الصامد. لا مسايرة في الإيمان. أي علماني يستطيع أن يقاوم البطريرك المسكوني إن انحرف؟ بولس الرسول قال: لا نريد أن نكون أوصياء على إيمانكم. أي مؤمن، إكليريكياً كان أم علمانياً، يمكن أن يكون يوماً لسان الحقيقة كما كان الراهب مكسيموس ضدّ الأمبراطور وضدّ بطاركته ومطارنته. وكذلك مرقس الأفسسي والمحامي أفسابيوس دوريليوم. الكهنوت وظيفة لخدمة الشعب لا غطرسة وارتزاق وجشع. المهم هو قداسة الشخص لا منصبه. طفل أو خادم علماني خير من ملك أو رئيس زنديق. السجود لله وللقداسة لا للأصنام من حجر أو بشر أو فكر…
32- الطوائف الكاثوليكيّة الشرقيّة
في العام 1535 عقد الملك الفرنسي فرنسوا الأول معاهدة مع السطان العثماني سليمان الثاني، فانطلقت يده في شرقنا. وكان الحكم العثماني متعسفاً ظالماً فاسداً، فانشقّ قسم عن الأشوريّين باسم الكلدان وعن الأرثوذكس في العام 1724 باسم الروم الملكيّين الكاثوليك وهكذا دواليك الأرمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك والأقباط الكاثوليك. وهناك طائفة اللاتين أيضاً. لهم بما فيه الموارنة سبعة بطاركة في الشرق الأوسط. وبطريرك الروم الكاثوليك بطريرك الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم. الأب العلاّمة الكاثوليكي جوزيف حجاّر مؤرّخ عالمي. اعترف بأن الذين صاروا كاثوليك في هذا الشرق صاروا لأسباب ماديّة.
الفاتيكان قضى 152 سنة (1584 – 1736) يمهِّد لتحويل الموارنة إلى لاتين في لاهوتهم وأنظمتهم وو…: حكيم لا مرتجل. إتحاد غير كامل مسخرة.
الأب أوريست كرامي كان مستشار البطريرك مكسيموس الصايغ الكاثوليكي. فتح آفاقاً ليلعب الروم الكاثوليك دور الوسيط بين روما والقسطنطينية للمصالحة وإلاّ فلا معنى لوجودهم مع روما. البطريرك صايغ طعن في محاولات الليتنة في محاضرة ألقاها في العام 1960 في دوسيلدورف (ألمانيا). قال للبابا في مؤتمر الفاتيكان الثاني: “أنا مثلك”. أجابه البابا: “أعرف ذلك”، أي أنّ كلاًّ منهما بطريرك بلا تبعيّة. ولكنه لم يستقلّ رغم تضايقه. كان لديه شمّاس متزوّج من أصل يوناني رقد الآن. أسرَّ إليّ في العام 1960 أو 1961 أنّ البطريرك الصايغ لا يستطيع رسامته كاهناً لأن الفاتيكان يرفض ذلك. واختلف الفاتيكان مع البطريرك بولس المعوشي الماروني لأنه رسم الأب اغناطيوس خليفة اليسوعي أسقفاً على أوستراليا بدون إذنه. وقطع المعونات عن إكليريكيّة غزير، فتظاهر الطلاّب، فانهال البعض على السفارة البابويّة لتغطّي العجز. وروى لي في العام 1947 في يافا كاهن ماروني موالٍ للبطريرك أنطون عريضة أن اليسوعيّين أغلقوا للموارنة مدرستهم اللاهوتية، ليتخرّج التلاميذ من لدنهم مشبعين بالعداء للبطريرك عريضة. وفرض عليه الكردينال الفرنسي تيسران وصاية لينتقم من وطنيّته ضدّ فرنسا. ولذلك فجميع الطوائف الكاثوليكية في الشرق “صوتها ليس من رأسها”. وقد صارت لاتينيّة العقائد. تدرس بالفرنسيّة والإيطالية واللاتينية والألمانيّة والإنكليزيّة لا باليونانيّة.
ولذلك فالحوار اللاهوتي معها لا يجدي إلا على المستوى المسيحي العالمي. متى عاد اللاتين إلى الأرثوذكسية عادوا معهم.
أما بالنسبة للحوار مع روما فيحتاج إلى عباقرة اللاهوت في أوروبا العارفين باليونانيّة لا إلينا نحن. فليس لدينا أي لاهوتي فحل ليقف أمام Grillmeir وأنداده. وخرّيجو البلمند انصرفوا إلى الرعاية لا إلى التبحّر في اللاهوت. المادة اللاهوتية هي الأساس والباقي نوافل التلمذة لغريغوريوس اللاهوتي ومكسيموس والدمشقي وسمعان اللاهوتي الجديد وبالاماس وثيؤفانيس الحبيس هي دراسة اللاهوت. بدونها كل شيء شقشقة وغطرسة وانتفاخ ولو كان المدّعي أخطب من يوحنا فم الذهب.
بدون عناصر على مستوى القديس ثيئوفانيس الحبيس الروسي (1894)، فالجميع فارغون سطحيّون. وإن ادّعوا العلم كانوا منافيخ تافهين. العلم الحقيقي متواضع. العلم الناقص منفوخ. نحن في مرحلة الأبجدية اللاهوتيّة. فلنعترف بعجزنا.
33- المراجع الروحيّة الكلاسيكيّة في العالم الأرثوذكسي
أقوال الشيوخ المصريين توسّعت لاحقاً. ثم وسّعها جداً في القرن الحادي عشر أفيريتينيوس. ظهر منه الآن في العربية جزءان بقلم قدس الأب اسحق عطالله. وبقي جزءان سيظهران. العنوان “كيف نحيا مع الله”. هذا الكتاب وكتابات كاسيانوس (من رومانيا) الذي كتب باللاتينية للغرب مراجع قديمة هامة. رقد في العام 435.
باسيليوس الكبير أخذ عن مصر وسوريا. مرجع كبير. رقد في العام 379. ذباذوخوس فوتيكي مرجع هام. يصنّفه الإختصاصي الكبير كواستن بين الآباء السوريّين دون تعليل. رقد بعد 458. هو متأثّر بكاتب معاصر له من منطقة الفرات إنه مكاريوس المنتحل.
مكاريوس كاتب صوفي نادر المثال. ظهرت كتبه سابقاً باسم مكاريوس الكبير المصري. رجال الإختصاص صحّحوا الأمر. رقد في العام 430؟؟
ديونيسيوس المنحول[3] كتب حوالي العام 500 – 510. ظنَّ سابقاً أنه الأريوباغي تلميذ بولس الرسول. صحّح الآن النقّاد الخطأ. هو سوري مجهول البلد. تأثر بهيروكليوس الفيلسوف الأفلوطيني. كان أفلوطينياً ثم اهتدى، فنقد الأفلوطينية. إلاّ أنّ إنشاءه الأدبي متأثر بأسلوب أفلوطين. لذلك في روحانيته عنصر عقلي. في كتابي (معنا الله فانهزموا) اعتبرته منظماً للاهوت الكبادوكيين. ظهر حديثاً فقال "قديم للوسكي يعود الى عام 1957". قال فيه انه نظم لاهوت الكبادوكيين. وفي كتابي (الله في اللاهوت المسيحي) اثبتُّ ان ما يسمى اللاهوت السلبي موجود في الكتاب المقدس ولدى فم الذهب ايضاً وفي كتابي المخطوط (روحانية الكنيسة الارثوذكسية) استشهد بمواضع عديدة من بالاماس لايوحي فيها اللاهوت السلبي الأهمية التي يذهب اليها لوسكي. فيمكن الوصول الى اللاهوت السلبي بالعقل البشري. في القرن التاسع طلب ملك فرنسا من الأمبراطور البيزنطي نسخة موثوقة للترجمة إلى اللاتينية. يعتبر الفرنسيون الأريوباغي مبشّر باريس. اهتمّ به جان سكوت إيريجين، فأثر في الروحنانية الغربية حتى اليوم وبخاصة في متصوفي القرن الثالث عشر. وانضمّ إليه شيء من مكسيموس المعترف. أما تأثيره على الشرق فصحّحه يوحنا البيساني (السكيثوبوليسي) الفلسطيني بتعليقات نُسبت قبلاً إلى مكسيموس.
مكسيموس المعترف فهم ديونيسيوس على ضوء تعليقات البيساني. هو أقوى الشخصيّات اللاهوتيّة بعد الكبادوكيّين واثناسيوس وكيرللس الإسكندرانيين. وفي الروحانية والتصوّف هو أيضاً قطب كبير جداً. دوّخ كبار الإختصاصيّين به في هذا العصر. هو صديق ليوحنا السلّمي وتلميذ لصفرونيوس الدمشقي الشهير. رقد في العام 662 عن 82 عاماً. أثّر في بابا روما القديس مرتينوس والأشاوس من خلفائه حتى البابا أغاثون والمجمع السادس (680) تأثيراً قاطعاً. ثم أثّر جداً في يوحنا الدمشقي وكل اللاهوت الأرثوذكسي وبالاماس.
يوحنا السلّمي، كتابه “السلّم إلى الله” هو المرجع الكلاسيكي في النسكيات الأرثوذكسيّة. ما يزال الخبز للرهبان والنسّاك. في دراسة (لم تُنشر) عن كتاب اللاهوتي الكبير المعاصر ديمتري ستانيلواي (الراقد في 4/10/1993) في “صلاة يسوع” أثبتُّ أن السلمي هو مصدره الرئيس. رقد السلّمي في العام 649/650 في سيناء.
معاصرهما اسحق النينوي كتب بالسريانية على أصول يونانية. ترجم كتابه إلى اليونانية في القرن التاسع في دير مار سابا على يد راهبين أتيا في القرن التاسع دير مار سابا من جنوب العراق في جملة من زملائهم. جنوب العراق آنذاك قد يشمل البصرة والكويت وجوارهما. فاسحق النينوي مولود في قطرايا (قطر). كانت اللغة اليونانية معروفة هناك إذاً.
مات حديثاً في جبل آثوس أكبر الرهبان الأرثوذكس الأب بائيسيوس. كان شديد التعلق باسحق ويناجيه. عرّفني في العام 1950 فقيدنا الغالي بولس أسعيد على الأب فيكتوران الروماني. قال لنا: اسحق السوري هو الإنجيل الخامس. مواطنه الأب يوحنا[4] في دير مار سابا وعظني منه كثيراً في العام 1947. كان معجباً به جداً. أوليفييه كليمانت يذكر في كتابه “الينابيع” أن الكاتب الروسي الأشهر فيودور دوستويفسكي كان يتأثر باسحق (ص 320 – 322). فرويد اعتبر دوستويفسكي أكبر كاتب في العالم بعد شكسبير(30). كان معجم لاروس في العام 1940 قد كتب عنه: “أعمق روائي في العالم”. ثم عدّل الصيغة حديثاً. رقد اسحق في أواخر القرن السابع.
هذا فخر كبير جداً. فدوستويفسكي بين الطبقة الأولى العالمية من الأدباء. ولم يترجم العرب مؤلّفات شكسبير الكاملة، بينما صدرت طبعة كاملة لمؤلّفات دوستوينسكي بقلم الدكتور سامي الدروبي. وتصدر طبعة ثانية منقّحة الآن عن الروسية مباشرة. هذا مع العلم أن اللغة الإنكليزية أكثر انتشاراً في العالم وعندنا خاصة من اللغة الروسية. فأذواق الناس ليست ذوق فروويد المحدود بمفاهيمه التحليلية النفسية الخاصة.
وهناك كتاب سهل ورائع بقلم دوروثيئوس رئيس دير غزة في القرن السادس. وهو طبيب أنطاكي الأصل. ترجم الأب افرام كرياكوس كتابه “التعاليم الروحية”. وهناك رسائل برصنوفيوس ويوحنا من دير غزة، وسمعان اللاهوتي الجديد، وبالاماس وو…
[1] راجع ص 31-33 من كرّاستي “موجز التاريخ الأبيض للكرسي الأنطاكي”، 1985.
[2] معاهدة سايس-بيكو توصل الانتداب الفرنسي حتى قسم كبير من بلاد الاناضول والموصل. كتب بروفسور كوليج دو فرانس مقال في جريدة لوموند دبلوماسي من العام 2003 ان فرنسا وقعت لا بريطانيا وثيقة تخلّي عن هذه المناطق. ولذلك انسحبت فرنسا من الموصل وهارديف دياربكر والاناضول وكليكيا لتركيا. واشعلتها حرباً بين اليونان وتركيا. فخلت تركيا من ملايين الارثوذكس ذبحاً او تهجيراً. على الانترنت بالانكليزية شهداء الارثوذكس في مليون وسبعة وخمسون الف والارمن مليون ونصف والسريان مئة الف والكلدان وسواهم عشرة آلاف. وهاجر الارثوذكس والارمن والسريان الى ديار الله الواسعة.
وايدت فرنسا تحمس الارثوذكس للعروبة ثم تخلت عنه زاعمة ان بريطانيا ضغطت عليه كما زعمت ذلك في كليكيا. فهاجر الارثوذكس الى ديار الله. اما في العراق فمصير الاشوريين في القرنين 19-20 مأساة كبيرة. في العام 1917 سيطرت اليهودية العالمية على السياسة العالمية، فكان مسيحيو الشرق ضحاياها. ولم ترضى عن خلوة الرئيس الاميركي جون كندي والرئيس الروسي نيكيتا خروتشوف في فيينا فاغتالت الاول في 22/11/1963 والثاني اسقطته 1964…
المؤرخ البريطاني الكبير رنسمان ذكر ان اليهود موّلوا الحروب الصليبية فكانت جانحة كبرى ضد الارثوذكسية فنهبت مدينة القسطنطينية بالتمام. عومل الارثوذكس في بلاد الشام معاملة رديئة فوقفوا ضدها. من على شاشة التلفزيون السوري اعلن الدكتور سهيل زكّار في 2008 فلم اجد في كل وثائق التاريخ ارثوذكسياً واحداً تعامل مع الصليبيين.
[3] أذكر في الزيادة ان إنشاء ديونيسيوس متأثر بإنشاء افلوطين. لا غرابة في ذلك لان إفلوطين كاتب كبير جداً. تأثر به حديثاً الفيلسوف الفرنسي الكبير هنري بركسون Henri Bergson (1941).
[4] خرج من الدير وصار متوحداً في جبل الكلت بفلسطين. أعلنت حديثا الكنيسة الرومانية قداسته هو ملاك في الجسد.